للمسلمين في رد العدوان بقوله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} (الحج: 39) ؟

جاء الإذن بعد أن تحقق ما يأتي: تحرير قضية لا إله إلا الله. تحرير قضية الشرعية. بناء القاعدة على أسس متينة. اتساع القاعدة بمجيء الأنصار. تربية القاعدة على التجرد لله.

والآن فلننظر، ماذا تحقق من هذه الأمور في المسيرة الحالية، وبأي قدر تحقق؟

هل تم تحرير قضية لا إله إلا الله، لا نقول عند الجماهير، بل عند الدعاة أنفسهم؟

هل وضح عند الدعاة أن التشريع بغير ما أنزل الله شرك مخرج من الإيمان، وأن الرضى بهذا التشريع هو كذلك شرك مخرج من الإيمان؟ أم لا يزال الجدل يدور بينهم حول هذه القضية، ما بين شاك وبين مقتنع؟

ودع عنك قضية الحكم على الناس، فتلك قضية لا نتعرض لها هنا، وندعو دائماً ألا تشغلنا عن مهمة الدعوة لبيان حقيقة لا إله إلا الله.

إنهما قضيتان منفصلتان - أو يجب أن تكونا منفصلين - إحداهما عن الأخرى. إحداهما قضية تعليمية، قضية بيان الحقائق للناس، تلك الحقائق التي صارت مجهولة عند كثير من الناس بسبب الغربة الثانية للإسلام، وهي أمانة الله لا بد من أدائها وعدم كتمانها، مهما استوحش الناس منها عند عرضها على حقيقتها. والثانية قضية تطبيقية، والتطبيق لا بد أن يسبقه إقامة الحجة على الناس أولاً، بالبيان المستفيض المتحمض للبيان، بلا اشتباك بأي قضية أخرى تغشى عليها، وتلقى عليها ظلالاً تصرف الناس عن حقيقتها.

ونعود للسؤال: هل وضحت قضية التشريع بغير ما أنزل الله عند الدعاة أنفسهم - ودع عنك الآن جماهير الناس - أم لا يزال يختلط عليهم قول ابن عباس رضي الله عنهما: كفر دون كفر، كفر لا يخرج من الملة؟!

إن الذي قال عنه ابن عباس رضي الله عنهما إنه كفر دون كفر، ليس هو التشريع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015