يرى كثير من الناس أن ما كان طبيعياً ومناسباً للجيل الأول في فترة التربية بمكة، لا ينطبق على وضعنا الحاضر، ومن ثم فعلينا أن ندرسه للتاريخ، وليس للعبرة ولا للقدوة!
وهذا الأمر يحتاج إلى تجلية واضحة، لأنه مفرق طريق في العمل الإسلامي في الوقت الحاضر، وما لم تتضح الصورة تماماً - وبموضوعية كاملة - فستظل تيارات العمل الإسلامي تتصادم مع بعضها البعض، ولا تصل إلى موقف موحد أو متجانس، بينما أعداء هذا الدين يقفون موقفاً موحداً، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، متكالبين كلهم على الأمة الإسلامية، يجاهدون للقضاء عليها، متعاونين متساندين، كما حدث في البوسنة والهرسك، وفي كشمير، وفي بلاد الشيشان، وفي كل مكان على ظهر الأرض.
هل نحن في المرحلة المكية، حيث المجتمع مشرك شركا واضحاً لا لبس فيه، والمؤمنون هم أولئك القلة التي آمنت بالدين الجديد، مستضعفة منبوذة من ذلك المجتمع، تتحرك حسب مقتضيات ذلك الوضع؟ أم نحن في مجتمع مسلم منحرف عن الإسلام، نعمل على تصحيح الأوضاع فيه، بردها إلى الصورة الإسلامية الصحيحة؟ أم ماذا نحن على وجه التحديد؟
ولخطورة هذه القضية، وما ثار حولها من جدل، وما ترتب على هذا الجدل من الفرقة، نود أن نتدارسها بروية، وأن نصل فيها إلى تصور واضح، غير متأثرين فيه بعواطفنا، أو بمواقف نحبها أو نكرهها.
لسنا في المرحلة المكية بكل تأكيد! فنحن - العاملين في حقل الدعوة،