لو كان في قدر الله أن ينتهي هذا الدين من الأرض، فقد كان الكيد الصليبي كفيلاً بالقضاء عليه يوم أطاح بالدولة العثمانية والغي الخلافة، وظنت الصليبية الصهيونية يومئذ أنها ظفرت أخيراً بعدوها اللدود، وأجهزت عليه! ولكن قدر الله كان غير ذلك، كان هو الصحوة الإسلامية!
ولما جن جنون الصليبية الصهيونية من الصحوة، قاموا يضربونها بكل ما يملكون من وسائل البطش، بالسجن والتشريد والتعذيب والقتل، ظناً منهم أن هذا هو طريق الخلاص من العدو الذي لم تقتله الضربة التي ظنوها هي القاضية. ولكن قدر الله كان غير ذلك، كان مزيداً من انتشار الصحوة في كل الأرض!
والإرهاصات كلها تقول: إن الإسلام هو البديل القادم، الذي يصلح ما أفسدته الجاهلية في الأرض!
* * *
الإسلام قادم من أي طريقيه جاء. الطريق الهادئ البطيء المتدرج، الذي نحبه ونرتضيه وندعو إليه، ولو استغرق تمامه عدة أجيال، أو الطريق الصاخب العنيف الذي تغذيه حماقات الغرب وحماقات إسرائيل!
إن الصليبية الصهيونية التي تسيطر على الأرض اليوم، تعمل بحماقة ضد مصالحها! إنها - بعنف البطش الذي توجهه ضد الحركات الإسلامية - تولدت أجيالاً من العمل الإسلامي أصلب عوداً، وأطول نفسا، وأكثر وعياً، وأشد مراساً من الذين تحاربهم اليوم!
وعقلاؤهم يعرفون ذلك، ويحذرون قومهم منه، ولكن الحقد الذي في قلوبهم يعميهم عن رؤية هذه الحقيقة، ويصم آذانهم عن الاستماع للنصيحة، ولو جاءت من عقلائهم أنفسهم!
ويتم ذلك بقدر من الله، وحسب سنة من سنن الله: {وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ} {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ} (إبراهيم: 45-46)