والتغلب على هذه العقبة إنما يكون بدوام الإنفاق.
فالإنفاق إذًا طريق سهل لدخول الجنة, ولكن النفس لا تحب الإنفاق {وَأُحْضِرَتِ الأنْفُسُ الشُّحَّ} [النساء: 128].
من هنا نجد تنوع أساليب الحث عليه، وإنشاء الرغبة فيه, كل ذلك ليتغلب المرء على شح نفسه وخوفها من الفقر، ومن ثم اجتيازها للعقبة, ومن هذه الأساليب: التذكير بأهميتها وأنها من أبواب الجهاد في سبيل الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُّلُّكمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ - تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الصف: 10، 11].
ومنها: التذكير بأن الإنفاق يرضي الله عز وجل ويقرب صاحبه منه سبحانه: {فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الروم: 38].
ومنها: التذكير بفضل العمل وثماره المتوقعة: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَّشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 261].
وأن من هذه الثمار ما يجدها صاحبها في الدنيا: {وَمَا أَنْفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: 39].
والتذكير بأن المستفيد الأول من الإنفاق هو المنفق: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103].
والترهيب من تركها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ} [البقرة: 254].
ويطمئننا بأن الذي يأخذها هو الله، ومن ثمَّ فلن تضيع على صاحبها: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة: 104].
هذه المعاني العظيمة وغيرها كثيرًا ما نجدها تتكرر في القرآن بأساليب مختلفة.
وهكذا يصبح استخدام أسلوب الترغيب والترهيب من أعظم مظاهر حب الله لعباده.
كلمة أخيرة عن مظاهر حب الله لنا
عشنا سويًا في ظلال شجرة المحبة، ورأينا بعضًا من مظاهر الحب الإلهي لنا جميعًا ليبقى سؤال أوجهه إلى نفسي وإليك أخي القارئ وهو:
أما آن لي ولك أن نبدأ مع الله عز وجل صفحة جديدة من الحب الصادق الذي يثمر طاعة له، وأنسًا به وشوقًا إلى لقائه؟!
ألا يستحق هذه الإله الودود الكريم أن نعامله معاملة تليق بجلاله وتتناسب مع ما يعاملنا به؟!
فلنبدأ إذن من الآن، وقبل أن تذهب تلك الحالة الشعورية التي صاحبتنا ونحن نتعرف على مظاهر حب الله لنا.