مُقَدِّمَةٌ:

الحمد لله , والصلاة والسلام على رسول الله , وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه .. أما بعد:

فقد كلفني كل من المعهد العالمي للفكر الإسلامي في واشنطن , والمجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية بالأردن , إعداد بحث أو كتاب عن كيفية التعامل مع السنة النبوية باعتبارها المصدر الثاني بعد القرآن الكريم , للإسلام: فِقْهًا وَتَشْرِيعًا وَقَضَاءً , وَدَعْوَةً وَتَرْبِيَةً وَتَوْجِيهًا. فقمت ـ بتوفيق الله تعالى ـ بكتابة هذه البحث الذي طال نسبيًا , وإن كان الموضوع يستحق ما هو أطول وأوسع , لبالغ أهميته , ومسيس الحاجة إليه.

ولم أعن في هذا البحث بثبوت السنة , وبيان حُجيتها , فهذا مجال آخر , وقد كتبت فيه , كما كتب فيه غيري , فأفاد وأحسن , ولكني عنيت أكثر ما عنيت ببيان المبادئ الأساسية للتعامل مع السنة المطهرة , سواء تعاملنا معها فقهاء أم دعاة , وبيان المعالم والضوابط اللازمة لفهم السنة فهمًا صحيحًا , وبعيدًا عن تضييق الحَرْفِيِّينَ الذين يجمدون على الظواهر , ويغفلون المقاصد , ويتمسكون بجسم السنة , ويهملون روحها! وبعيدًا أيضًا عن تمييع المتهاونين والمتعالمين الذين يدخلون البيوت من غير أبوابها ووالذين يقحمون أنفسهم فيما لا يحسنون , ويقولون على الله ورسوله ما لا يعلمون.

وقد اجتهدت أن تكون كتابتي عملية موثقة , وأن أسند كل قول إلى قائله , وأؤيد كل دعوى بدليلها , وألا أحتج إلا بحديث صحيح أو حسن , حتى لا أقع فيما أنكرته على غيري , وأن أرجع إلى علماء الأمة ـ خصوصًا في خير قرونها ـ لأقتبس من نورهم , وأستفيد من نهجهم , وإن كان كل أحد يؤخذ منه ويرد عليه , إلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015