ظواهرها , باب خطر , لا ينبغي للعالم المسلم وُلُوجَهُ إلا لأمر يقتضي ذلك من العقل أو النقل.
وكثيرًا ما تُؤَوَّلُ الأحاديث لاعتبارت ذاتية أو آنية أو موضعيه ثم يظهر للباحث المدقق بعد أن الأولى تركها على ظاهرها.
أذكر من ذلك حديث «مَنْ قَطَعَ سِدْرَةً صَوَّبَ اللَّهُ رَأْسَهُ فِي النَّارِ» (?).
وقد روي بأكثر من صيغة , ولكن تأوله بعض الشراح أن المراد قطع سدر الحرم , مع أن كلمة (سِدْرَةً) هنا نكرة في سياق الشرط , فتعم كل سدرة , ولكنهم وجدوا الوعيد شديدًا , فقصروه على سدر الحرم.
والذي أميل إليه أن الحديث ينبه على أمر مهم يغفل عنه الناس , وهو أهمية الشجر ـ وخصوصًا السدر في بلاد العرب ـ لما وراءه من انتفاع الناس بظله وثمره , ولا سيما في البرية , فقطع هذا السدر يمنع عن مجموع الناس خيرًا كثيرًا , وهو يدخل الآن فيما يسميه العالم المعاصر (المحافظة على الخضرة وعلى البيئة) وقد غدا أمرًا من الأهمية بمكان , وألفت له جماعات وأحزاب , وعقدت له ندوات ومؤتمرات.
وقد رجعت إلى " سنن أبي داود " , فوجدت فيه: سُئِلَ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مَعْنَى هَذَا الحَدِيثِ فَقَالَ: «هَذَا الحَدِيثُ مُخْتَصَرٌ، يَعْنِي مَنْ قَطَعَ سِدْرَةً فِي فَلاَةٍ يَسْتَظِلُّ بِهَا ابْنُ السَّبِيلِ، وَالبَهَائِمُ عَبَثًا، وَظُلْمًا بِغَيْرِ حَقٍّ يَكُونُ لَهُ فِيهَا، صَوَّبَ اللَّهُ رَأْسَهُ فِي النَّارِ». اهـ.
والحمد لله , فقد تطابق ما كنت أحسبه فهمًا لي , وتفسير الإمام أبي داود.
من التأويلات المرفوضة تأويلات الباطنية التي لا دليل عليها من العبارة ولا