مع الواقع وعلميته وقدرته المتميزة على كشف التناقضات الداخلية في المجتمعات وكيفية نموها وعوامل وجودها في الحضارات مع توضيح تام لاتجاهات التطور التاريخي.

إن سنة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وسيرته , ونمط حياته وحياة الصدر الأول من أصحابه , لتمثل التجسيد العلمي الواقعي لذلك المنهج الفكري , وحين يتعامل العقل المسلم المعاصر مع الكتاب المجيد بتأمل وتدبر وإدراك معاصر سليم بَحْثًا عن كلياته وغاياته ومقاصده للوصول إلى منهجية كاملة تشكل ناظمًا وضابطًا لحركة الحياة والإنسان ينسجم مع دورة الكون والوجود فإن حل الأزمة العقلية الكبرى يصبح في متناوله.

وحين يضيف إلى ذلك فَهْمًا للسنة وإدراكًا يستوعب مرامي وغايات التطبيق النبوي للوحي الإلهي وتحويله إلى واقع حي بحياة الناس ويمارسونه , فإن حجب الجهل , وظلمات الأحقاد والصراع , وتبديد الطاقات , سوف تنقشع بإذن الله عن هذه الأمة ويرتقي الإنسان المسلم فوق عوامل العجز الذاتي ليكون قادرًا على إقناع الإنسان المعاصر بكل تعقيداته العقلية والثقافية , والأخذ بيده نحو الهداية والفلاح من خلال إدراك الكليات الإسلامية وتمييز الثوابت عن المتغيرات وإدراك المقاصد وتحديد الغايات.

إن هذا الكتاب سيكون ـ بإذن الله ـ دعامة من الدعائم الأساسية في بناء منهج فهم السنة , وسوف يجيب عن كثير من التساؤلات المتعلقة بهذا الموضوع , ويلفت النظر إلى هذا الجانب الهام من جوانب الاستفادة بالسنة النبوية المطهرة , هذا الجانب الذي لم يعط من الاهتمام ما يستحقه سواء على مستوى الحوار أو على مستوى البحث العلمي والتأليف , أو على مستوى التدريس والتعليم.

ولعل هذا الكتاب القيم يدفع بقضايا فَهْمِ السنة والحوار فيها وحولها إلى قاعات البحث والدراسة , ويساعد في إخراج الأمة من ذلك الجدل العقيم الذي طال تخبطها فيه.

نسأل الله سبحانه أن يجزل لمؤلفه الجليل المثوبة , وينفع المسلمين به ويجعله في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015