يَغْشَاهَا أَصْحَابِي، اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ ... الخ». فلا يقاوم حديث أم سلمة بما فيه من ضعف هذه الأحاديث الصحاح.

على أنه يجوز ـ من باب التنازل والتبرع ـ محاولة التوفيق بين الحديث الضعيف والحديث الصحيح وإن لم يكن ذلك واجبًا.

ولهذا قال الإمام القرطبي وغيره في حديث أم سلمة المذكور:

«وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْهُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - تَغْلِيظٌ عَلَى أَزْوَاجِهِ لِحُرْمَتِهِنَّ كَمَا غُلِّظَ عَلَيْهِنَّ أَمْرُ الْحِجَابِ، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ مِنَ الأَئِمَّةِ. وَيَبْقَى مَعْنَى الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الثَّابِتِ وَهُوَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ، ثُمَّ قَالَ: (تِلْكَ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ وَلاَ يَرَاكِ) (*)».

قال القرطبي:

«قَدِ اسْتَدَلَّ بَعْضُ العُلَمَاءِ بِهَذَا الحَدِيثِ عَلَى أَنَّ المَرْأَةَ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَطَّلِعَ مِنَ الرَّجُلِ عَلَى مَا لاَ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَطَّلِعَ مِنَ المَرْأَةِ كَالرَّأْسِ وَمُعَلَّقِ القُرْطِ، وَأَمَّا العَوْرَةُ فَلاَ».

«وَإِنَّمَا أَمَرَهَا بِالاِنْتِقَالِ مِنْ بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ إِلَى بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ لأَنَّ ذَلِكَ أَوْلَى بِهَا مِنْ بَقَائِهَا فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ، إِذْ كَانَتْ أُمُّ شَرِيكٍ مُؤْثَرَةً بِكَثْرَةِ الدَّاخِلِ إِلَيْهَا، فَيَكْثُرُ الرَّائِي لَهَا، وَفِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ لاَ يَرَاهَا أَحَدٌ، فَكَانَ إِمْسَاكُ بَصَرِهَا عَنْهُ أَقْرَبُ مِنْ ذَلِكَ وَأَوْلَى، فَرُخِّصَ لَهَا فِي ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ» (**) (?).

أَحَادِيثُ زِيَارَةِ النِّسَاءِ القُبُورَ:

ومثل ذلك الحديث أو الأحاديث التي تزجر النساء عن زيارة المقابر , مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ زَوَّارَاتِ القُبُورِ» رواه أحمد وابن ماجه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015