فكيف يعقل أن يدخل في سياق هذا الإنكار والتنديد بالأصنام كلمات تمتدحهن , وتقول: «تِلْكَ الغَرَانِيقُ العُلاَ , وَإِنَّ شَفَاعَتُهُنَّ لَتُرْتَجَى»؟! (?).

وكان حديث «شَاوِرُوهُنَّ وَخَالِفُوهُنَّ» في شأن النساء باطلاً مكذوبًا لأنه مناف لقوله تعالى في شأن الوالدين مع رضيعيهما {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} [البقرة: 233].

وإذا اختلفت أفهام الفقهاء أو الشراح في الاستنباط من السنن فأولاها وأسعدها بالصواب ما أيده القرآن.

انظر إلى قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141].

إن هذه الآية المكية الكريمة بما أجملته وما فصلته , لم تدع شيئًا تنبته الأرض إلا جعلت فيه حَقًّا , وأمرت بإيتائه , وهذا الحق المأمور به المجمل في هذه الآية هو الذي فصله القرآن والسنة بعد ذلك تحت عنوان (الزكاة).

ومع هذا رأينا من الفقهاء من قصر زكاة ما أخرجه الله من الأرض على أربعة أصناف فقط من الحبوب والثمار , أو على ما يقتات في حال الاختيار لا غير , أو على ما يبس , ويكال ويدخر ... وأخرجوا من دائرة الحق الواجب سائر الفواكه والخضروات , ومزارع البن والشاي , وحدائق التفاح والمانجو , والقطن وقصب السكر , وغيرها , مما يدر على أصحابه الألوف بل الملايين , حتى سمعتُ في إحدى زياراتي لبعض الأقطار الآسيوية أن الشيوعيين يتهمون الفقه الإسلامي ـ أو الشرع الإسلامي ـ بأنه يجعل عبء الزكاة على صغار الزراع ـ وربما كانوا مستأجرين للأرض , لاَ مُلاَّكًا ـ الذين يزرعون الذرة والقمح والشعير , ويعفى من ذلك مالكي مزارع جوز الهند والشاي والمطاط ونحوها!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015