السنة النبوية ـ بعد القرآن الكريم ـ هي المورد الذي لا ينضب , والكنز الذي لا ينفد , ليستمد منه المُرَبِّي أو الموجه أو الداعية في خطبته إذا خطب , وفي موعظته إذا وعظ , وفي درسه إذا درس، وفي تربتيه إذا ربى. فالسنة مصدر متفق عليه لتوجيه السلوك، وتزكية النفوس، كما أنها مصدر لتشريع الأحكام، وفقه العبادات والمعاملات.
ولهذا أجمع علماء السلوك، ورجال التربية الروحية، وشيوخ التصوف الأولون، والمعتبرون عند الأمة، على ضرورة التزام السالك أو المريد في الطريق إلى الله، بالسنة في فكره وعبادته وسلوكه، مع الله، ومع نفسه، ومع الناس.
يقول الإمام الجُنَيْدُ - رَحِمَهُ اللهُ -: «الطُّرُقُ كُلُّهَا مَسْدُودَةٌ إِلاَّ مَنْ اِقْتَفَى آثَارَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -».
وقال: «مَنْ لَمْ يَحْفَظْ القُرْآنَ، وَيَكْتُبَ الحَدِيثَ، لاَ يُقْتَدَى بِهِ فِي هَذَا الأَمْرِ، لأَنَّ عِلْمُنَا هَذَا مُقَيَّدٌ بِالكِتَابِ وَالسُنَّةِ».
وقال أبو حفص - من أئمة القوم -: «مَنْ لَمْ يَزِنْ أَفْعَالَهُ وَأَحْوَالَهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ بِالكِتَابِ وَالسُنَّةِ، وَلَمْ يَنْهَمْ خَوَاطِرَهُ، فَلاَ يُعَدُّ فِي دِيوَانِ الرِّجَالِ».
وقال أبو سليمن الداراني: «رُبَّمَا يَقَعُ فِي قَلْبِي النُّكْتَةُ مِنْ نُكَتِ القَوْمِ أَيَّامًا، فَلاَ أَقْبَلُ مِنْهُ إِلاَّ بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَينِ، الكِتَابُ وَالسُّنَّة».