أَنْهَارِ الْجَنَّةِ» (?) , وحديث «بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ» (?) , ثم قال: «وَهَذَانِ الحَدِيثَانِ لَيْسَ عَلَى مَا يَظُنُّهُ أَهْلُ الجَهْلِ مِنْ أَنَّ تِلْكَ الرَّوْضَةَ قِطْعَةٌ مُنْقَطِعَةٌ مِنْ الجَنَّةِ، وَأَنَّ هَذِهِ الأَنْهَارَ مُهْبَطَةٌ مِنْ الجَنَّةِ، هَذَا بَاطِلٌ وَكَذِبٌ».

ثم ذكر ابن حزم أن معنى كون تلك الروضة من الجنة إنما هو لفضلها , وأن الصلاة فيها تؤدي إلى الجنة. وأن تلك الأنهار لبركتها أضيفت إلى الجنة , كما تقول في اليوم الطيب: «هَذَا مِنْ أَيَّامِ الجَنَّةِ» , وكما قيل في الضأن: «إِنَّهَا مِنْ دَوَابِّ الجَنَّةِ» وكما قال - عَلَيْهِ السَّلاَمُ -: «أَنَّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ». ومثل ذلك حديث «الحَجَرُ الأَسْوَدُ مِنَ الجَنَّةِ».

يقول ابن حزم في هذه الأخبار: «[قَدْ صَحَّ] البُرْهَانُ مِنْ القُرْآنِ، وَمِنْ ضَرُورَةِ الحِسِّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى ظَاهِرِهَا» (?).

هذا هو موقف ابن حزم المعروف بظاهريته وتمسكه بحرفية النصوص إلى حد الجمود , ومع هذا لم يسغ عنده أن تحمل النصوص على ظواهرها , فإنما يظن ذلك أهل الجهل كما قال!!

الحَذَرُ مِنَ التَّوَسُّعِ فِي التَّأْوِيلاَتِ المَجَازِيَّةِ:

وأود أن أحذر هنا أن تأويل الأحاديث ـ والنصوص عامة ـ وإخراجها عن ظواهرها , باب خطر , لا ينبغي للعالم المسلم وُلُوجَهُ إلا لأمر يقتضي ذلك من العقل أو النقل.

وكثيرًا ما تُؤَوَّلُ الأحاديث لاعتبارت ذاتية أو آنية أو موضعيه ثم يظهر للباحث المدقق بعد أن الأولى تركها على ظاهرها.

أذكر من ذلك حديث «مَنْ قَطَعَ سِدْرَةً صَوَّبَ اللَّهُ رَأْسَهُ فِي النَّارِ» (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015