ولهذا أفتيت في عصرنا بأن العاقلة اليوم يمكن أن تنتقل إلى (النقابات) المهنية، فإذا قتل الطبيب خطأ، فديته على نقابة الأطباء، والمهندس على نقابة المهندسين .. وهكذا.

حَوْلَ زَكَاةِ الفِطْرِ:

ومن الثابت أن الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يخرج زكاة الفطر , ويأمر بإخراجها بعد صلاة الفجر , وقبل صلاة العيد من يوم الفطر.

وكان الوقت كافيًا لإخراجها وإيصالها إلى مستحقيها , لصغر حجم المجتمع , ومعرفة أهله بعضهم لبعض , ومعرفة أهل الحاجة منهم وتقارب منازلهم , فلم يكن في ذلك مشكلة.

فلما كان في عصر الصحابة اتسع المجتمع , وتباعدت مساكنه , وكثر أفراده , ودخلت فيه عناصر جديدة , فلم تعد فترة ما بين صلاة الصبح وصلاة العيد كافية , فكان من فقه الصحابة أن كانوا يعطونها قبل العيد بيوم أو يومين.

وفي عصر الأئمة المتبوعين من الفقهاء المجتهدين ازداد المجتمع توسعًا وتعقدًا فأجازوا إخراجها من منتصف رمضان , كما في المذهب الحنبلي , بل من أول رمضان كما في المذهب الشافعي.

ولم يقفوا عند الأطعمة المنصوص عليها فِي السُنَّةِ , بل قاسوا عليها كل ما هو غالب قوت البلد.

بل زاد بعضهم جواز إخراج القيمة , لا سيما إذا كانت أنفع للفقير , وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه , إذ المقصود (إغناء المساكين) في هذا اليوم الكريم , والإغناء كما يتحقق بالطعام يتحقق بدفع قيمته , وربما كانت القيمة أَوْفَى بمهمة الإغناء من الطعام , وخصوصًا في عصرنا , وفي هذا رعاية لمقصود النص النبوي , وتطبيق لروحه , وهذا هو الفقه الحقيقي.

السُنَّةُ بَيْنَ اللَّفْظِ وَالرُّوحِ أَوْ بَيْنَ الظَّوَاهِرِ وَالمَقَاصِدِ:

إن التمسك بحرفية السُنَّةِ أحيانًا لا يكون تنفيذًا لروح السُنَّةِ ومقصودها بل يكون مُضَادًّا لَهَا , وإن كان ظاهره التمسك بها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015