- «كُلُّ نَبِيٍّ قَدْ سَأَلَ سُؤَالاً» أَوْ قَالَ: «لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ قَدْ دَعَا بِهَا فَاسْتُجِيبَ، فَجَعَلْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأُمَّتِي يَوْمَ القِيَامَةِ» (?).

وفي حديث أبي سعيد عند الشيخين:

- «فَيَشْفَعُ النَّبِيُّونَ وَالمَلاَئِكَةُ وَالمُؤْمِنُونَ، فَيَقُولُ الجَبَّارُ: بَقِيَتْ شَفَاعَتِي، فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ، فَيُخْرِجُ أَقْوَامًا قَدْ امْتُحِشُوا (أي احترقوا)، فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرٍ بِأَفْوَاهِ الجَنَّةِ، يُقَالُ لَهُ: مَاءُ الحَيَاةِ» ... الحديث (?).

«لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ، فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ دَعْوَتَهُ، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَهِيَ نَائِلَةٌ - إِنْ شَاءَ اللهُ - مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لاَ يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا» (?).

والمعتزلة ـ لتغليبهم الوعيد على الوعد , والعدل على الرحمة , والعقل على النقل ـ أعرضوا عن هذه الأحاديث , مع قوة ثبوتها , ووضوح دلالتها.

وكانت شبهتهم في ردها: أنها تعارض القرآن الذي نفى شفاعة الشافعين.

ومن قرأ القرآن لم يجد فيه إلا نفي (الشَّفَاعَةَ الشِّرْكِيَّةَ) التي كان يعتقدها المشركون من العرب , والمحرفون من أصحاب الديانات الأخرى.

زعم المشركون أن آلهتهم ـ التي يدعون من دون الله أو مع الله ـ تملك أن تشفع لهم عند الله , وتدفع عنهم العذاب , كما قال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاَءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [يونس: 18].

ولكن القرآن أبطل هذه الشفاعة المزعومة , وان آلهتهم لا تغني عنهم من الله شيئًا , يقول الله تعالى: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لاَ يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلاَ يَعْقِلُونَ، قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [الزمر: 43، 44]، {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا، كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا} [مريم: 81، 82].

أجل , نفى القرآن أن تكون للآلهة الزائفة شفاعة , وأن يكون للمشركين شفيع يطاع , كما قال تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غافر: 18] والقرآن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015