التَقَى المُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالقَاتِلُ وَالمَقْتُولُ فِي النَّارِ» فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا القَاتِلُ فَمَا بَالُ المَقْتُولِ قَالَ: «إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ»
ففسر لهم وجه استحقاقه للنار , بنيته خروجه لمقاتلة صاحبه.
وهنا أقول: هذه الوائدة في النار , فما بال الموءودة؟؟ والحكم عليها بالنار يعارض قوله تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ، بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير: 8، 9].
وقد رجعت إلى الشراح لأرى ماذا قالوا في توجيه الحديث , فلم أجد شيئًا ينقع الغُلة.
ومثل ذلك الحديث , الذي رواه مسلم عن أنس «إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ» (?) قاله جوابًا لمن سأله عن أبيه أين هو؟
وقلت: ما ذنب عبد الله بن عبد المطلب حتى يكون في النار , وهو من أهل الفترة والصحيح أنهم ناجون؟
وكان قد خطر لي احتمال أن يكون المراد بقوله: «إِنَّ أَبِي» هو عمه أبا طالب الذي كفله ورعاه , وحدب عليه بعد موت جده عبد المطلب , واعتبار العم أَبًا أمر وارد في اللغة وفي القرآن , كقوله على لسان أبناء يعقوب: قالوا: {نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 133] وإسماعيل كان عَمًّا ليعقوب , واعتبره القرآن أَبًا.
ولا غرو أن يكون أبو طالب من أهل النار , بعد رفضه أن ينطق بكلمة التوحيد إلى آخر لحظة في حياته , وقد صحت جملة من الأحاديث تنبئ بأنه أهون أهل النار عذابًا.
ولكن أضعف هذا الاحتمال عندي أنه خلاف المتبادر من ناحية , ومن ناحية أخرى: ما ذنب أبي الرجل السائل؟ والظاهر أن أباه مات قبل الإسلام.
لهذا توقفت في الحديث حتى يظهر لي شيء يشفي الصدر.