ألا تعارض دليلاً شرعيا أقوى:
مثال ذلك: الأحاديث الضعيفة التي رويت في شأن عبد الرحمن بن عوف: «أَنَّهُ يَدْخُلُ الجَنَّةَ حَبْوًا» بسبب غناه!.
فقد يقال: إن مثل هذه الأحاديث تندرج تحت أصل التحذير من فتنة المال , وطغيان الغنى , ولكن يجب أن نذكر أنها تعارض أحاديث صحيحة جعلت عبد الرحمن بن عوف من العشرة المبشرين بالجنة , فضلاً عن وقائع ثابتة , وروايات مستفيضة , ثبت أنه كان من خيار المسلمين , وكبار المتقين , وأنه يمثل الغني الشاكر حقًا , ولهذا توفى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - , وهو عنه راض , وجعله عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - في الستة أصحاب الشورى , وجعل لصوته ميزة ترجيحية على غيره عند تساوي الأصوات.
ولهذا رد الحافظ المنذري ما قد ورد من غير ما وجه ومن حديث جماعة من الصحابة عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - , يَدْخُلُ الجَنَّةَ حَبْوًا لِكَثْرَةِ مَالِهِ ... ».
قال: «وقد ورد من غير ما وجه , ومن حديث جماعة من الصحابة عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - , يَدْخُلُ الجَنَّةَ حَبْوًا لِكَثْرَةِ مَالِهِ " , ولا يسلم أجودها من مقال , ولا يبلغ منها شيء بانفراده درجة الحسن. ولقد كان ماله بالصفة التي ذكر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:" نِعْمَ المَالُ الصَّالِحُ لِلرَّجُلِ الصَّالِحِ " (?) فأنى تنقص درجاته في الآخرة أو يقصر به دون غيره من أغنياء هذه الأمة؟ فإنه لم يرد هذا في حق غيره , وإنما صح سبق فقراء هذه الأمة أغنيائهم على الإطلاق والله أعلم» (?).