الثالث: إظهار الغنة مع الإخفاء.
هذا وليحترز أخي القارئ عند أداء القلب عند التلفظ به من كز الشفتين على الميم المقلوبة لئلا يتولد من كزهما غنة من الخيشوم ممطّطة فليسكن الميم بتلطف من غير ثقل ولا تعسف، ووجه القلب أنه لم يحسن الإظهار لأنه يستلزم الإتيان بالغنة في النون والتنوين ثم إطباق الشفتين من أجل الباء عقب الغنة وفي كل هذا عسر وكلفة، وكذلك لم يحسن الإدغام لبعد المخرج وفقد السبب الموجب له ولما لم يحسن الإظهار ولا الإدغام تعين الإخفاء ثم توصل إليه بالقلب ميما لمشاركتها للباء مخرجا وللنون صفة (غنة).
ويقصد به في اللغة: السّتر، بفتح السين، وفي الاصطلاح هو عبارة عن النطق بحرف ساكن عار أي خال من التشديد على صفة بين الإظهار والإدغام مع بقاء الغنة في الحرف الأول والمراد بالحرف الأول هنا النون الساكنة والتنوين. وحروف الإخفاء هنا خمسة عشر حرفا وهي الباقية من الحروف الهجائية بعد إسقاط الحروف السابقة للأحكام الثلاثة المتقدمة التي هي الإظهار والإدغام والقلب. وهي مجموعة في أوائل كلمات هذا البيت:
صف ذا ثنا كم جاد شخص قد سما ... دم طيبا زد في تقى ضع ظالما
وهي الصاد والذال والثاء والكاف والجيم والشين والقاف والسين والدال والطاء والزاى والفاء والتاء والضاد والظاء. فإذا وقع حرفا من هذه الأحرف بعد النون الساكنة سواء كان متصلا بها في كلمتها أو منفصلا عنها أو بعد التنوين عند هذه الحروف. وتسميته حقيقيا لأنه متحقق في النون الساكنة والتنوين أكثر من غيرها.
وإليك بعض الأمثلة للنون الساكنة من كلمة ومن كلمتين وللتنوين:
الصاد نحو: وأنصتوا. أن صدوكم. ريحا صرصرا.
الدال نحو: منذرين. من ذكر. سراعا ذلك.