عجبا، أتاني في ليلتي حتى مس جلدي جلده، ثم قال: ذريني أتعبد لربي ـ عز وجل ـ قالت: فقلت: والله إني لأحب قربك وإني أحب أن تعبد ربك، فقام إلى القربة فتوضأ ولم يكثر صب الماء، ثم قام يصلي، فبكى حتى بل لحيته، ثم سجد فبكى حتى بل الأرض، ثم اضطجع على جنبه فبكى حتى إذا أتى بلال يؤذنه بصلاة الصبح، فقال: يا رسول الله ما يبكيك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: ويحك يا بلال وما يمنعني أن أبكي وقد أنزل الله علي في هذه الليلة: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} 1.
ثم قال: ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها2.
وإن المؤمن يتلو آيات الله ويؤمن بما فيها من وعد ووعيد وخبر وأمر ونهي لحري أن لا ينسى الحق بعد أن لا مس شغاف قلبه واستحوذ على سلوكه مظهرا ومخبرا، والتدبر والتفكر أثناء التلاوة يعزز الحفظ ويرسخه كما قدمنا الحديث عن ذلك