حرص عليه، أو أراده، ليقطع كل أسباب التطلع إلى السلطة، والتنازل عليها، والتنافس فيها، فالحريص على الإمارة لا يكون في الغالب إلا طالب جاه، أو دنيا، أما من يراها عبثاً ومسؤولية، فإنه يخاف من حملها، ويخشى أن يفتتن بها فيسقط في سخط الله، ويقع في المهالك، لذلك فهو لا يطلبها، بل يفر منها ما استطاع.
روى البخاري ومسلم عن أبي موسى، قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم أنا ورجلان من بني عمي، فقال أحدهما: يا رسول الله أمِّرنا على بعض ما ولاك الله. وقال الآخر مثل ذلك، قال:
"إنا والله لا نُولِّي على هذا العمل أحداً سأله، ولا أحداً حرص عليه".
وفي رواية قال: "لا نستعمل على عملنا من أراده".
وفي التحذير من الإمارات والتزهيد فيها، جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما يلي:
1- روى البخاري عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إنكم ستحرصون على الإمارة، وستكون ندامة يوم القيامة، فَنِعْمَ المرضعةُ وبئستِ الفاطمة".
أي: إنها آسرة محبوبة، شأنها كشأن المرضعة للرضيع، ولكن عاقبتها بعد الفطام والانفصال عنها عاقبة وخيمة، ما لم يكن الذي تولاها أميناً فيها، مؤدياً حقوقها.
2- وروى البخاري ومسلم عن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تسألِ الإمارة، فإنك أن أعطيتها عن مسألة وُكِلتَ إليها، وإن أُعطيتَها عن غير مسألة أُعِنْتَ عليها".
3- وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"تجدون من خير الناس أشدهم كراهية لهذا الأمر حتى يقع فيه".
لهذا الأمر: أي للحكم والسلطان.