كواشف زيوف (صفحة 163)

فمن شاء أن يكون متديّناً، فعليه أن يقصر تدينه على أمور العقيدة، والعبادات المحضة، وطقوس ومراسِم الدوائر الصغرى التي وجب حصر الدين فيها، ولا يسمح له بأن ينقلها إلى المجالات العامة.

أما الشؤون الأخرى من شؤون الحياة فيجب أن لا يكون للدين أيّ سلطان عليها، أو أي توجيه لها، ولا يسمح للمؤمنين بالدين أن يكون لهم تأثير فيها من منزع ديني.

وقد لبست العلمانية رداءين:

أحدهما: يتظاهر بالحياد تجاه عقائد الدين وعباداته المحضة، وما أرادوا حصر الدين فيه واعتبروه من دائرة تخصصه، ويتظاهر بأنه لا يريد إلغاء الدين كلياً، إنما يريد حصره في مجالات تخصصه.

أما تدخله في شؤون الحياة الدنيا فهو تدخل يفسدها، ويعوّق مسيرتها وتقدّمها وارتقاءها.

ويزعم لابسو هذا الرداء - كذباً وافتراءً على الدين الحق - أن تعاليم الدين في شؤون الحياة غير صالحة، لأنها غير علمية ولا عقلية.

وثانيهما: يُعلن حربه وعداءه للدين كله، ويسعى بكل ما أوتي من حيلة وقوة لإلغائه إلغاءً كلياً، وجعل المادية ومفاهيم التطور الذاتي للكون، والإلحاد بالله عزّ وجلّ، والكفر بكل القيم الدينية، هي العقيدة السائدة في كل المجتمعات الإنسانية.

ويتخذ لابسو هذا الرداء كل وسائل المكر، والكيد، والقهر والإكراه، والتزييف الفكري للحقائق، وفرض القوانين، ومناهج السلوك، وبرامج التعليم الموجه، بغية تحقيق هذا الهدف.

ولا ريب أن العلمانية صاحبة الرداء الأول المتظاهر بالحياد تجاه الدين في المجال الذي أراد حصره فيه، إنما لبست رداءها هذا نفاقاً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015