كواشف زيوف (صفحة 145)

الفطرة التي نبّه موسى عليه السلام فرعون عليها، إذ قال له: "ربنا الذي أعطى كل شيءٍ خلقه ثمّ هدى" قص الله ذلك علينا في سورة (طه/20 مصحف/45 نزول) :

{قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} .

أي: أعطى كل شيء نظام خلقه، ثمّ هداه لأداء وظائفه في الوجود، تحركاً وسكوناً، ولقاءً وافتراقاً، وتطوراً وتغيراً، ودفاعاً وهجوماً، وزيادة ونقصاً، إلى غير ذلك مما لا يحصى، مما كشفت البحوث العلمية بعضه، ولا تزال تكتشف منه كل حين جديداً.

وقد دل على هذه الفطرة الثابتة الاستقراء الطويل، القائم على تجارب قرون مديدة، وأجيال عديدة.

وقد علمتنا التجارب الاستقرائية ثبات قوانين هذه الفطرة، ويُعبّر عن ذلك بثبات سنن الله.

والقرآن الكريم دل على ثبات هذه الفطرة، وثبات سنن الله في خلقه.

1- ففي معرض بيان ملاءمة دين الله للناس لما فطر الله الناس عليه، فكراً، ونفساً، وجسداً، ووجداناً، ومشاعر داخلية، وحاجة في الحياة، لاغتنام الطمأنينة والسعادة القلبية الحقيقية، والسعادة النفسية الخالية من المنغصات، قال الله تعالى في سورة (الروم/30 مصحف/84 نزول) :

{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ}

فقوله تعالى {لا تبديل لخق الله} يدل على ثبات الفطر التي فطر الله خلقه عليها، وثبات أنظمتها، وقوانينها، وسننها، ومن هذه الفطر واقع حال فطر الناس التي أنزل الله لها الدين الذي لا يلائمها غيره.

2- وفي معرض بيان إحدى سننه الكونية في خلقه، وهي أن لا يحيق المكر السيء إلا بأهله، قال الله تعالى في سورة (فاطر/35 مصحف/43 نزول) :

{وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّةَ آلأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015