وكثر التدليس فيما روي عن الرسول من أقوال، ولكن قيض الله لها علماء الحديث المحررين، فكشفوا المدلس منها، ونفوا عنها الزيوف.
* * *
الأصل الرابع
حذف ما يغير حذفه المعنى المراد، ومنه الاقتصار على ذكر بعض النص.
وقد يكتفي المغالط المحتال بحذف كلمة أو جملة، أو حرف من كلمة، إذا كان ذلك يفسد دلالة النص أو يغيرها، أو حذف شرط أو قيد في الموضوع.
وقد بلغني أن جماعة من اليهود طبعوا آلافاً من المصاحف وحاولوا توزيعها في إفريقية، وفيها حذف كلمة: (غير) من قول الله عزّ وجلّ، {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} .
ولكن اكتشف هذه اللعبة الخبيثة بعض المسلمين، فهب أهل الغيرة، وجمعوا نسخ هذه الطبعة، وأحرقوها.
أما الاقتصار على ذكر بعض النص الذي هو من الحذف في الحقيقة، لأنه قد يفسد المعنى ويغيره إلى النقيض، فمن الحيل التي يستخدمها المستشرقون والمبشرون والشيوعيون، لدى كتابتهم في المسائل الإسلامية، بغرض إيقاع القارئ في مفاهيم فاسدة عن الإسلام.
فيأخذون مقطعاً من النص، مع أنه مرتبط بسوابقه، أو بلواحقه، أو بهما معاً، ارتباط الشرط بالجزاء، أو ارتباط المطلق بقيوده، ونحو ذلك.
ومن الأمثلة المشهورة التي يستشهد بها الناس لمثل هذا الاقتصار والاقتطاع المفسد للمعنى، الاستشهاد بقول الله تعالى: {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ} دون ذكر القيد المتصل به في السورة، وهو قول الله تعالى: {الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَآءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} .