فالشياطين كثيرون، ومكرهم عظيم، وحيلهم قد تخدع أئمة أولي الألباب.
ويجدر التنبيه على أن الباطل في مجموع البناء الفكري لمذاهب المضلين قد يكون بمثابة الأساس الخفي عن الأنظار، والذي يكون كَشَفا جُرُفٍ هارٍ. وقد يكون بمثابة قضبان من الورق المقوى، مدهونة بلون الحديد، توضع بدل قضبان الحديد في سقف من الاسمنت المسلح. وقد يكون الباطل بمثابة قطرات قاتلات من السم الزعاف، مدسوسة في كأس شراب من الماء والعسل.
وحيلة التلبيس هذه من حيل اليهود وأساليبهم في المكر والتضليل، ولذلك خاطبهم الله عزّ وجلّ بقوله في سورة (البقرة/2 مصحف/87 نزول) :
{وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}
ثمّ خاطبهم أيضاً بقوله عزّ وجلّ في سورة (آل عمران/3 مصحف/89 نزول) :
{ياأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}
ويجدر التنبيه أيضاً على أن مقاومة الباطل لا تكون بادعاء بطلان كل أجزاء المذهب الذي يضعه المبطلون، أو بطلان كل الأفكار التي يعرضها المبطلون أو يروجونها، ليستغلوها في تحقيق أغراضهم.
إنما تكون مقاومة الباطل بكشف عناصر الباطل الموجودة في المذهب، أو في الآراء المعروضة، وببيان بطلانها.
وحين لا يتيسر للباحث كشف العناصر الباطلة، فينبغي أن لا يزيد على بيان أن المذهب أو جملة الآراء المعروضة لا يجوز الأخذ بها في مجموعها الكلي، بسبب الباطل المندس فيها، والمفسد لها. نظير حكمنا على كأس شراب العسل المسموم بأنه يجب الامتناع عن تناول أي مقدار منه، لأنه قاتل.
لكننا حينما نستطيع التمييز والفصل بين الحق والباطل، في عناصر