إلى قيس بن زهير وقل له: قال لك أبي: أنفذ إليه سبقه سرّا، وإلاّ آخذه منك جهرا وقهرا وفضحتك بين العربان تارة أخرى. وكان عند شيخ من عقلاء قومه، فقال: يا حذيفة، الله الله! إيّاك والبغي والرجوع إلى كلام الجهّال، وأنشأ يقول (من الرجز):

البغي سيفا يا أبا حجاري … فتّاكة كطوارق الأسحاري

(271)

فاحفظ مضاربه إذا جرّدته … وانصف ولا تلبس لباس العاري

واسأل خبيرا عن ثمود وأهله … لمّا طغوا وبغوا على الأخيار

ناداهم تحت الظّلام فأصبحوا … بين الطّلول شواخص الأبصار

فلمّا سمع حذيفة شعره لم يلتفت إليه، ولعب العجب والبغي في عطفيه، وقال لولده: سر لما أمرتك به!

فسار الصغير إلى بني قيس، فلم يجد قيسا حاضرا، فقالت له المدلّة: يا با فراقة! في أيّ شيء أتيت؟ قال أريد سبقنا وحقّنا. فقالت المدلّة: وأيّ حقّ عندنا؟ ارجع على عقبك واشكر ربّك الذي ما رآك قيس. فرجع ندبة إلى أبيه وأخبره الخبر. فغضب وقال: يا ويلك! رجعت بالذلّة من كلام المدلّة!

فلمّا رجع قيس إلى أبياته آخر النهار عرّفته زوجته، وكان ثملا من شرب العقار، فلعب الشرّ في جميع أعضائه. ثمّ قال: لعن الله أبوه! والله لو كنت حاظر ما تركته يعود ينظر أمّه أبدا.

فلمّا كان من الغد، إذا بندبة قد حضر ووقف وما سلّم، وقال: يا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015