وجلست، وأحضرت الموايد على الرسم والعادة. ثمّ أحضر الشراب فشربنا. ثمّ تناولت العود وقالت: اسمع تلحين إسحق، حيّا الله إسحق، والشعر لأبى الشيص! -ثمّ أنشدت تقول <من الطويل>:
تقول غداة البين إحدى نسابهم … لى الكبد الحرا و <أنت> لك الصبر
وقد خنقتها عبرة فدموعها … على خدّها بيض وفى نحرها صفر
قال: فحصل لى من الطرب ما لا عليه مزيد، مع كثرة تعجّبى لحسن علمها بألحانى وصناعتى، حتى لم تخلّ بدقّة واحدة. فقلت:
يا ستّاه، لقد سمعت جارى يحكى عن إسحق أنّ من جملة تلحينه أبياتا حسانا (?)، وله فيها صناعة جيّدة. -فقالت: أتحفظها؟ أنشدها! -فأنشدتها <من الطويل>:
قفى ودّعينا، يا مليح، بنظرة … فقد حان منّا، يا مليح، رحيل
أليس قليلا نظرة إن نظرتها … إليك وكلاّ ليس منك قليل (?)
عقيليّة أمّا ملاث (?) … إزارها
فدعصص وأمّا خصرها فنحيل
فيا جنّة الدنيا ويا غاية المنى … ويا سؤل نفسى، هل إليك سبيل
أراجعة نفسى إليك فأغتدى … مع الركب لم يكتب علىّ فتيل
فما كلّ يوم لى بأرضك حاجة … ولا كلّ يوم لى إليك رسول (?)
فقالت: شعر حسن لو سلم من التعريض فيه بما منال الثريّا دونه، ولكن اسمع شعر بنت الأعرابية تلحين إبراهيم أبى (?) إسحق، حيّا الله إسحق! - وأنشدت <من الطويل>: