فلما كان عشيه تلك الليله-وهى ليله يسفر صباحها عن يوم الجمعه حادى عشر شهر ربيع الآخر من هده السنه-بعد صلاه عشا الاخره، كان السلطان لاجين صايما دلك اليوم. دخل عليه كرجى مقدم المماليك البرجيه، وعند السلطان قاضى القضاه حسام الدين الحنفى وابن العسّال المقرى، والسلطان لاجين يلاعب ابن العسال بالشطرنج. وكان كرجى قد اتقن الامر مع البرجيه ومع جماعه من الخاصكيه وسلاح دار النوبه، واوقف اكثر البرجيه فى الدهليز. فلما وقف بين يدى السلطان، ساله عما صنع، فقال: «بيّتت (?) المماليك البرجيه وغلقت عليهم». فشكره السلطان واثنى عليه وكدلك الحاضرين. ثم انه تقدم ليصلح الشمعه، وكان السلطان قد قام لصلاه عشاء الاخره. فتناول كرجى النمشاه، وضرب السلطان لاجين وهو مولى عنه، فقطع كتفه حتى حله. فبادر السلطان من حلاوة الروح يطلب النمشاه، فلم يجدها، فقبض على كرجى وعاركه، وقيل انه رماه تحته، فضربه السلحدار قطع رجله، فانقلب يخور فى دمه. ثم ان كرجى ثنى عليه فقتله. فقال القاضى: «هدا ما يحلّ»، فارادوا قتله، ثم عفوا عنه. وقيل ان الضرب الدى كان فى السلطان الشهيد الملك الاشرف-رحمه الله-وجدوه فى السلطان لاجين لا يختل ضربه واحده. فلما فرط الامر اغلقوا عليه الباب وتركوه ومضوا الى برا باب القله.

نكته: كان السلطان لاجين متزوجا بنت السلطان الملك الظاهر، وكانت من الديانات الخيرات. فحدثنى من اثق به انها فى تلك الليله-وهى ليله الخميس التى صبيحتها قتل السلطان-فى عشيته رأت فى (332) منامها كأن السلطان جالس فى المكان الدى قتل فيه، وكأن عده غربان سود على اعلا (19) المكان. وقد نزل منهم غراب فضرب عمامة السلطان رماها عن راسه، وهو يقول: «كرّج كرّج (20)».

طور بواسطة نورين ميديا © 2015