ولعل الله ما اخّرك إلى الآن، إلا لتستدرك من الطاعة والخدمة ما قد فات. ولمّا لم يسلم أحدا (?) ليخبرك بما جرا خبّرناك، ولمّا لم يقدر أحد يباشرك بالبشرى بسلامة نفسك وهلاك ما سواها بشرناك (?)، لتحقق الأمر على ما جرى. وبعد هذه المكاتبة لا ينبغى لك أن تكذب لنا خبرا، كما أنّ بعدها يجب أن لا تسأل مخبرا».
(118) ولما وصلت هده المكاتبه الى صاحب انطاكيه كانت عليه اشدّ الاشيا وعظمت مصيبته. ولم يبلغه خبر انطاكيه الاّ من هدا الكتاب.
لما ذكرنا فتوحها، وجب ان ندكر شى من مبتدايها (?)، وما لخصناه من دكرها اد شرطنا فى هدا التاريخ دلك. فاول دلك قوله تعالى {وَاِضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ} (?) الآية. قال المفسرون: القرية انطاكيه.
وقال اصحاب التاريخ فى امر انطاكيه ان الملك أنتيوخس (?) قصد بناء مدينه يعمرها تكون نسبتها اليه. فنفّد حكمايه ووزرايه (?) لاختيار مكان يكون طيب الهواء والماء، قريبا من البحر، قريبا من الجبل. فوجدوا بقعه ارض انطاكيه بهده الصفه.
فسيروا عرفوه بدلك، فامر ببنايها، واخرج الاموال. وطلبوا حجرا جيدا لبنايها، فوجدوه على مسافه يوم منها. فاستخدم الرجال، وعدتهم ثمانين (?) الف رجل وثمان مايه رجل، وستمايه عجله، والفوتسع (?) مايه حمار، ومايه زورق لنقل الاحجار. فنجزت فى ثلث سنين ونصف. وبنيت اسوارها وابراجها، وهى مايه وثلثه وخمسون برجا،