إنّا إذا قمنا له بالشكر نعمل … للمعاد حقيقة ونمهد
أدام الله أيامه لملك الأرض حتى يدبّره، وملك العصر حتى يثمره ولا أخلاه من عناء يبتنيه، وثناء يقتنيه، وخير يصطنعه، ومدح يستمعه، وأعزّ أنصاره وبسط ظلّه وجعل أعداؤه خاشعة أبصارهم ترهقهم (?) دلّة،
آمين آمين يا ربّ العالمين.
وبعد: فإنّ العبد لما اشتغل بفنّ الأدب السامى للقدر المالى للرتب، وعهدى بعهد الصبى مخيم ما استقلّ والوجه بالنبت موسم همّ وما بقل، والخطّان المتواردان من يمينه ويساره لم يتصافحا، والضدّان المتناقضان من ليله ونهاره لم يتصالحا، ولم يثن غنائى عن ما غنائى من الإيضاع مقلة ينبوع، ولا زمّنى عمّا أهمّنى من الإسراع بيانه أسروع، فعلى هنالك قدرى جدّ فى طلب العلم جدّه، وما رأى فى عسجد أستفيده ولكنّى فى مفخر أستعدّه، وكفى بالعلم مفخرا يقدع منه أنوف المفاخرين، وبالثناء الجميل مدخرا وهو لسان الصدق فى الآخرين، والموفّق من إذا همّ ألقى بين عينيه عزمه ونكب عن ذكر العواقب، ومدّ أطناب خيامه على النجوم الثواقب، فلذلك استأنست بالخلاء عن الملاء، وولّيت وجهى شطر الأئمة الفضلاء، (7) وبسطت حجرى لا لتقاط درر الشفاه وجعلت ذلك دواء لقلبى وشفاءه، وتركت اليراعة التى هى سنان رمح البراعة بطول انتظامها إلى أناملى سادسة لخامسها، والمداد الذى هو مستقى أرشه الأقلام منهلا لخوامسها، لا جرء أحمدت مسراى عند الصباح، ونادى مناد الخير حى على الفلاح، وهيّأ الله لى من أمرى رشدا، وثمر لى طول معاناة المخض زبدا، ومحقّق لى كلّ ظنّ ممّا تجمع لى من كلّ فنّ، فكأنّ الأرض حللت لى على اتّساع جوانبها ورويت عن الفضلاء