وقال صلّى الله عليه وسلم: «إنّ الله جلّ جلاله جعل الحقّ على لسان عمر وقلبه»، ونزل القرآن بموافقته فى أسرى بدر قال الله تعالى: {لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ»} (1)، وذلك أنّه لمّا جئ بالأسرى يوم بدر قال لأصحابه: «ما تقولون فى هؤلاء»؟ فقال أبو بكر: يا رسول الله، قومك وأهلك استبقهم [واستتبهم] (2)، لعلّ الله أن يتوب عليهم، وخذ منهم فدية تكون قوّة على الكفّار، وقال عمر: يا رسول الله، كذّبوك، وأخرجوك، فاضرب أعناقهم، ومكّن عليّا من عقيل فيضرب عنقه، ومكّنى من فلان-[نسيب] (3) لعمر-فأضرب عنقه، فإنّ هؤلاء أئمة الكفر، فقال عبد الله بن رواحة: انظروا واديا كثير الحطب، فأدخلهم فيه، ثم أحزمه عليهم نارا، فقال العبّاس:
قطعتك رحم (4).
فسكت النبى صلّى الله عليه وسلم، فقال ناس: يأخذ بقول أبى بكر، وقال آخرون:
يأخذ بقول عمر، وقال آخرون: يأخذ بقول ابن رواحة، فخرج النبى صلّى الله عليه وسلم فقال: «إنّ الله سبحانه وتعالى ليليّن قلوب رجال [فيه] (5)، حتّى تكون ألين من اللبن، وإنّ الله سبحانه وتعالى ليشدّد قلوب رجال، حتّى تكون أشدّ من الحجارة، وإنّ مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم، قال: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي، وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ»} (6)، ومثلك كمثل عيسى، قال: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ}