روى أبو داود وأحمد والدارمي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وأرضاه قال: (بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره -وكان ذلك في أثناء الصلاة- فلما رأى ذلك القوم خلعوا نعالهم ووضعوها عن شمائلهم، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال: ما حملكم على إلقاء نعالكم؟ -أي: لماذا خلعتم نعالكم- قالوا: رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن جبريل عليه السلام أتاني فأخبرني أن فيهما قذراً أو قال أذىً)، يعني: أنه خلعهما لسبب مؤقت، والسبب هذا لم يكن موجوداً عند الصحابة، فما كان المفروض على الصحابة أن يخلعوا نعالهم، لكن الشاهد هو حرص الصحابة على الاتباع، فهم لم ينتظروا إلى انتهاء الصلاة ثم بعد ذلك يسألونه، لا، وإنما بمجرد رؤية الرسول يفعل شيئاً فعلوه.
وهنا قد يظن بعض الناس أن هذا الكلام فيه مبالغة من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، لا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ليس مجرد شخص يعجبون به، وليس مجرد شخص ينبهرون بأفعاله، وإنما هو رسول رب العالمين، فكل خطوة من خطواته بأمر من الوحي أو مراجعة بالوحي، ونحن عندما نقلده، فإننا نعمل الذي أراده الله منا، وعندما نعمل الذي أراده الله منا، فإننا سنسعد في الدنيا والآخرة إن شاء الله تعالى، وسندخل الجنة التي هي منتهى أحلام المؤمنين، لذا كان الصحابة حريصين كل الحرص على أن يقلدوا الرسول صلى الله عليه وسلم في كل حركة من حركاته والرسول صلى الله عليه وسلم كان حريصاً جداً على ترسيخ هذا المعنى في قلوب وعقول الصحابة.