السبب الرابع والأخير وإن كان هناك سبب خامس، لكن إن شاء الله سنتكلم عنه في الدرس القادم: أن كثيراً من الدعاة والعلماء يغفل عمداً أخطاء الصحابة؛ لأنه يخاف على اهتزاز صورة الصحابة، فلا يتحدث عن ذنوبهم ولا يتحدث عن اجتهاداتهم التي تخطئ أحياناً، أو يحاول أن يتعسف في إيجاد المبرر للخطأ، وهذا كله غير صحيح وغير حكيم، وهذا كله لمحاولة إلغاء بشرية الصحابة، ولا يعيب الصحابة مطلقاً أن نتحدث عن بعض أخطائهم، أو عن بعض الهفوات في حياتهم، وكفى بالمرء خيراً أن تعد معايبه.
فقد كانوا سريعي العودة إلى الله عز وجل، وسريعي التوبة من ذنوبهم، ومع ذلك انتبهوا معي فعند ذِكْرِ هذه الأخطاء يجب أن يراعى الأدب الكامل والاحترام العظيم لمقام أولئك الأخيار، فهذه سيئات تذوب في بحار حسناتهم، وإن شاء الله سنفرد في هذه المجموعة محاضرة خاصة بعنوان: (الصحابة والتوبة) وسنتكلم فيها بالتفصيل عن هذا الموضوع، وفي مجموعة كاملة تكلمنا فيها عن الرسول صلى الله عليه وسلم وأخطاء المؤمنين، ويمكن أن تعودوا لها لو أردتم أن تتعمقوا في هذا الموضوع.
إذاً: فهذه أربعة أسباب، واحتمال أن هناك غيرها أدت إلى إحباط بعض المسلمين من سماع قصص الصحابة المثالية، وخلصنا إلى أن تقليد الصحابة ليس فقط أمراً ممكناً، ولكنه أمر مطلوب شرعاً، ومن هنا كانت هذه المجموعة بعنوان: كن صحابياً.
وهذا المعنى إذا سئلت: هل أنت صحابي، تستطيع أن تقول: نعم، أنا صحابي في الفهم، صحابي في الجهاد، صحابي في التوبة، صحابي في الأخوة وهكذا، ونستطيع بعد ذلك أن نقرأ قصص الصحابة بفكر جديد، وبفكر البحث عن الطريق الذي وصل بالصحابي إلى هذه الدرجة العالية، وفكر الاجتهاد الحقيقي المخلص في السير في نفس الطريق الذي سار فيه الصحابة.