ولنتأمل في قبيلة الأشعريين التي منها أبو موسى الأشعري رضي الله عنه، هذه القبيلة كان لها عادة جميلة جداً، والرسول عليه الصلاة والسلام علق على هذه العادة وشكرها.
روى البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو) أي: فني زادهم، وطعامهم في الغزو (أو قل طعام عيالهم بالمدينة) سواء كانوا في سفر أو في غزو، أو حتى وهم في المدينة مع بعضهم البعض، ماذا يعملون؟ (جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد)، أي: جمعوا كل الأكل من كل البيوت، أو جمعوا كل الأكل الذي معهم السفر (ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية) أي: أن كل واحد يأخذ نصيباً مساوياً للآخر، لكن قد يقول قائل: ما ذنبي أنا؟ لقد بقيت أجمع الطعام يومين وثلاثة وشهر وشهرين وجاري هذا لم يجمع شيئاً، فلماذا أتحمل أنا المسئولية؟ أيضاً: أنا صاحب عيال وزوجة، ولا أدري ماذا سيحدث غداً؟ لا، فقد كانوا يضعون الأكل في إناء واحد، ثم يقسمونه بينهم بالسوية، ولا يبقى هناك فضل لأحد على أحد، يعني: لا أحد يعرف من الذي كان أكله كثير ومن الذي كان أكله قليل، وهذا منتهى الإخلاص، وانظروا الرسول صلى الله عليه وسلم يعلق على هذا فيقول: (فهم مني وأنا منهم) أي: أن الأشعريين من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منهم، وهذه منقبة عظيمة لهم، مع أن الأشعريين من اليمن، يعني: أنها قبيلة بعيدة جداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن الفعل يرقى بهم إلى أن يكونوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منهم صلى الله عليه وسلم.