وصدقناك فيما وصفت. والذي ساق الله إليك من المُلكِ والكرامة كنت أهلاً له، لما قسم الله تعالى لك من العقل والرأي. وإني أسعد الناس في الدنيا والآخرة من رزقه الله رأياً وعقلاً.
وقد أحسن الله إلينا إذ وفق لنا عند موت ملكنا وكرّمنا بك. ثم قام شيخ آخر سائح فحمد الله عزّ وجل وأثنى عليه وقال: إني كنت أخدم وأنا غلام قبل أن أكون سائحاً، رجلاً من أشراف الناس. فلما بدا لي رفض الدنيا فارقت ذلك الرجل، وقد كان أعطاني من أجرتي دينارين، فأردت أن أتصدق بأحدهما، وأستبقي الآخر، فأتيت السوق، فوجدت مع رجل من الصيادين زوج هدهد، فساومت فيهما فأبى الصياد أن يبيعهما إلا بدينارين، فاجتهدت أن يبيعنيهما بدينار واحد فأبى. فقلت في نفسي: أشتري أحدهما وأترك الآخر. ثم فكرت وقلت لعلهما يكونا زوجين ذكراً وأنثى فأفرق بينهما، فأدركني لهما رحمة