حتى إذا نادى منادى الجهاد {انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} (?) وهتف هاتف الجنة {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} (?) دارت حماليق وجوههم ورقصت قلوبهم فى صدورهم تحولت المدينة إلى ثكنة واسعة فما هى بالتى رأيتموها وأصبح أهلها جنوداً متطوعة فماهم بالذين عرفتموهم، أقفل التاجر دكانه، وترك الفلاح سكنه، ورمى الصانع آلاته وترك الأجير رشاء دلوه وخرجوا فى سبيل الله لا يلوون على شئ كأنهم كانوا من ذلك على ميعاد وفى ديارهم وأهلهم على مسامحة ورخصة.
وترونهم يتجولون فى البلاد ويسيحون فى الأرض ويتغربون فى دين الله كأنهم خلقوا على ظهور الخيل وولدوا على متون الإبل يعدون غدوة أو روحة فى سبيل الله - عز وجل - أفضل من الدنيا وما فيها فيصلون النهار بالليل