وقد حافظ المسلمون على هذا الشرط وبروا بهذا العهد وتذكروا أنهم إنما نُصروا على عدوهم، وقد كاد يأتى عليهم ويستأصلهم فى ساحة بدر، وتركوا على ظهر الأرض لأن عبادة الله - سبحانه وتعالى - منوطة بهم على أرض الله - عز وجل -.
بهذه الرسالة انبثوا فى العالم وحملوها إلى الملوك والسوقة والأمم، وفى سبيل ذلك هاجروا وجاهدوا ولأجل ذلك حاربوا وعاهدوا، ولم يزالوا يعتقدون أنهم مبعوثون من الله وحاملوا راية الإسلام فى العالم.
أرسل سعد قبل القادسية ربعى بن عامر إلى رستم قائد الجيوش الفارسية وأميرهم فدخل عليه وقد زينوا مجلسه بالنمارق المذهبة والزرابى الحرير وأظهر اليواقيت واللآلئ الثمينة، والزينة العظيمة وعليه تاجه وغير ذلك من الأمتعة الثمينة وقد جلس على سرير من ذهب ودخل ربعى بثياب صفيقة وسيف وترس وفرس قصيرة ولم يزل راكبها حتى داس بها على طرف البساط ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد وأقبل وعليه سلاحه ودرعه وبيضه على رأسه فقالوا له ضع سلاحك، فقال إنى لم آتكم وإنما جئتكم حين دعوتمونى، فإن تركتمونى هكذا وإلا رجعت، فقال رستم ائذنوا له فأقبل يتوكأ على رمحه فوق النمارق، فخرق عامتها فقالوا له ما جاء بكم؟ فقال الله إبتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله .. ومن ضيق الدنيا إلى سعتها .. ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه ومن أبى قاتلناه أبداً