مجابهه قريش لها:
فقام العقلاء من قريش وهم الآخذون بزمام الحياة فى البلاد - ونثروا كنانتهم وقاسوا الناشئة الجديدة بمقاييسهم التى عرفوها وألفوها ووزنوها فى ميزان الإنسان الذي طالما وزنوا فيه أصحاب الطموح فوجدهم خفيفة الوزن طائشة الكفة وذهبوا إلى إمام الدعوة الإسلامية وأول المسلمين فى العالم - صلى الله عليه وسلم - فقال قائلهم " إنك قد أتيت قومك بأمرٍ عظيم فرقت به جماعتهم وسفهت به أحلامهم وعبت به آلهتهم ودينهم وكفرت به من مضى من آبائهم فاسمع منى أعرض عليك أموراً تنظر فيها، لعلك تقبل منها بعضها.
قال فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قل يا أبا الوليد أسمع.
قال يا ابن أخى إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالاً، جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت إنما تريد به شرفاً سودناك علينا حتى لا نقطع أمراً دونك، وإن كنت تريد به ملكاً ملكناك علينا.
استمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكل ذلك فى هدوء وتأنٍ، ثم رفضه فى غير شك ولا تأخير، ولم يكن هذا العرض من قريش على شخص الرسول - صلى الله عليه وسلم - بل كان على هذه الأمة التى كان يمثلها ويقودها، ولم يكن رفض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما عرضت قريش رفضاً عن نفسه الكريمة فقط بل كان رفضاً عن أمته إلى آخر الأبد.