ما من قائم يقوم فى مجتمع من هذه المجتمعات البشرية داعياً إلى ترك ضلالة من الضلالات أو بدعة من البدع إلا وقد آذن نفسه بحرب لا تخمد نارها ولا يخبوا أوارها حتى تهلك أو يهلك دونها.
فليس موقف الجندى فى معترك الحرب بأحرج من موقف المرشد فى معترك الدعوة وليس سلب الأجسام أرواحها بأقرب منالاً من سلب النفوس غرائزها وميولها .. ولا يضن الإنسان بشئ مما تملك يمينه ضنه بما تنطوى عليه جوانحه من المعتقدات وأنه ليبذل دمه صيانة لعقيدته، ولا يبذل عقيدته صيانة لدمه، وما سالت الدماء ولا تمزقت الأشلاء فى موقف الحروب البشرية من عهد آدم - عليه السلام - إلى اليوم إلا حماية للمذاهب وذوداً عن العقائد.
لذلك كان الدعاة فى كل أمة أعدائها وخصومها لأنهم يحاولون أن يرزؤها فى نضائر نفوسها ويفجعونها فى أعلاق قلوبها.
الدعاة أحوج الناس إلى عزائم ثابتة وقلوب صابرة على احتمال المصائب والمحن التى يلاقونها فى سبيل الدعوة حتى يبغوا الغاية التى يريدونها أو يموتوا فى طريقها.