وقال وهب ابن منبه: إن الله تعالى أوحى إلى نبى من أنبياء بنى إسرائيل يقال له (شعياء) أن قم فى قومك بنى إسرائيل فإنى منطق لسانك بوحى وأبعث أمياً من الأميين أبعثه ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب فى الأسواق، لو يمر إلى جنب سراج لم يطفئه من سكينته، ولو يمشى على القصب لم يسمع من تحت قدميه، أبعثه مبشراً ونذيراً لا يقول الخنا، أفتح به أعيناً كمهاً وآذاناً صماً وقلوباً غلفاً، أسدده لكل أمر جميل وأهب له كل خلقٍ كريم وأجعل السكينة لباسه، والبر شعاره، والتقوى ضميره، والحكمة منطقه، والصدق والوفاء طبيعته، والعفو والمعروف خُلقه، والحق شريعته، والعدل سيرته، والهدى إمامه، والإسلام ملته، وأحمد اسمه، أهدى به بعد الضلال، وأعلَّم به بعد الجهالة، وأرفع به بعد الخمالة، وأُعرف به بعد النكرة، وأكثر به بعد القلة، وأغنى به بعد العيلة، وأجمع به بعد الفرقة، وأؤلف به بين أمم متفرقة، وقلوب مختلفة وأهواء متشتتة، وأستنقذ به فئاماً من الناس عظيمة من الهلكة، وأجعل أمته خير أمه أُخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر موحدين مؤمنين مخلصين مصدقين لما جاءت به رسلى، ألهمهم التسبيح والتحميد والثناء والتكبير والتوحيد فى مساجدهم ومجالسهم ومضاجعهم ومنقلبهم ومثواهم، يصلون لى قياماً وقعوداً، ويقاتلون فى سبيل الله صفوفاً وزحوفاً، ويخرجون من ديارهم ابتغاء مرضاتى ألوفاً يطهرون الوجوه والأطراف، ويشدون الثياب فى