انظر إلى حكمة سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة لما مر سعد بن عبادة بأبى سفيان بن حرب فى كتيبة الأنصار قال له: اليوم يوم الملحمة .. اليوم تستحل الحرمة .. اليوم أذل الله قريشاً .. فلما حاذاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى كتيبته شكا إليه ذلك أبو سفيان قال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا تسمع ما قال سعد .. ؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: وما قال؟ قال: كذا وكذا ... فاستنكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقالة سعد وقال: بل اليوم يوم المرحمة، اليوم يعز الله قريشاً ويعظم الكعبة، فأرسل إلى سعد فنزع منه اللواء ودفعه إلى قيس ابنه ورأى أن اللواء لم يخرج عن سعد إذ صار إلى ابنه (?).
يقول أبو الحسن الندوى: ولم يزد الرسول - صلى الله عليه وسلم - الملهم أن أبدل حرفاً بحرف وأباً بابن، فعالج نفس أبى سفيان المكلومة وكان فى حاجة إلى تأليف القلب من غير أن يسيئ إلى سعد صاحب سوابق فى الإسلام (?).
وتجلت حكمة سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قسم غنائم حنين فقسمها فى المهاجرين من الطلقاء ولم يعط الأنصار شيئاً. فقالت الأنصار: إذا كانت الشدائد فنحن ندعى ويعطى الغنيمة غيرنا. فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالأنصار فجمعوا فى حظيرة فخطب خطبة عظيمة قال فيها .. ألم آتكم ضُلالاً فهداكم