كثيرا ما نخطيء النظرة إلى مسألة صحة الإنسان، فنرى جانبا من جوانبها وننسى الجوانب الأخرى، وهذه نظرة ليست سليمة، فلا يرتجى من ورائها الوصول إلى آراء ومواقف صحيحة من قضية الصحة، وطالما أن الإنسان يتكون من جسد وعقل وروح، فإن صحته مرتبطة بصحة هذه الثلاثة فيه، ومتى ما اختلت الصحة في واحد منها فقد اختلت صحة الإنسان: فهذا إنسان صحيح، وهذا إنسان مريض مرضا عضويا، وهذا مريض نفسيا، وهذا مريض عقليا؛ تتنوع الأسباب والموت واحد.
ومن ينكر واحدا من هذه الثلاثة الأشياء في مجال صحة الإنسان فإنما
ينكر الواقع؛ وكأنما يقنع نفسه، أو يقنع الآخرين بأن المعدوم موجود والموجود معدوم!.
ومن ينكر ارتباط صحة الإنسان بكل من هذه المناحي الثلاثة فإنما
ينكر الواقع.
والناس - بل وربما الذي يمتري في هذه الحقيقة كذلك- قد يشاهدون المريض يذهب إلى الطبيب؛ فيكشف عليه بكل ما عنده من وسائل؛ فيستنفد كل ما عنده في تخصصه؛ فيقول للمريض بعد ذلك: ليس فيك مرض، وهو يعني المرض العضوي الذي هو مجاله، هذا مع أن المرض مشاهد في الشخص، والسبب هو مجال المرض بأن يكون مرضا نفسيا يحتاج إلى طبيب متخصص.