لا يُسْتَحلَفُ في العباداتِ ولا في حُدودِ الله تعالى، ويُسْتَحْلَفُ المُنْكِرُ في كُلِّ حَقٍّ لآدميٍّ، إلا النكاحَ، والطلاقَ (*)، والرَّجْعَةَ، والإيلاءَ، وأصلَ الرقِّ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
= بَعْدُ وقد تَلِفَ مالُه، فتبيَّنَ للحاكم أنهما شَهِدَا على زُورٍ أيُضَمِّنُهما مالَه؟ قال: نعم، وظاهرُ هذا أنه لم يَنْقُضِ الحُكْمَ، لأنه لم يُغَرِّمِ الورثةَ قيمةَ ما أَتْلفُوه من المالِ بل أَغْرَمَ الشاهدَينِ ولو نَقَضَهُ لأَغْرَمَ الورثةَ.
قال أبو العباس: النقضُ في هذه الصورةِ لا خلافَ فيه، فإنَّ تَبَيُّنَ كَذِبِ الشاهدِ غير تَبَيُّنِ فِسْقِه، فقولُ أحمدَ: إمَّا أن يكونَ ضَماناً في الجملةِ كسائرِ المُتَسَبِّبِينَ، أو يكونَ استقراراً كما دلَّتْ عليه أكثرُ النُّصوِص من أنَّ المعذورَ لا ضمانَ عليه، ولو زكَّى الشُّهودَ ثم ظَهَرَ فِسْقُهم ضَمِنَ المزكُّونَ، وكذلك يجبُ أن يكونَ في الولايةِ لو أراد الإمامُ أن يُولِّيَ قاضياً أو والياً لا يعرفُه، فسألَ عنه فزكَّاه أقوامٌ، ووصَفُوه بما يَصْلُحُ معه للولايةِ، ثم رَجَعُوا أو ظهرَ بُطْلانُ تزكِيَتِهم، فينبغي أن يَضْمَنُوا ما أفسدَه الوالي والقاضي، وكذلك لو أشاروا عليه وأَمَروا بولايتِهِ، لكن الذي لا رَيْبَ في ضَمَانِه من تُعْهَدُ المعصيةُ منه: مثل الخيانةِ أو العَجْزِ، ويُخْبِرُ عنه بخلافِ ذلك، أو يَأْمُرُ بولايتِه، أو يكونُ لا يَعْلَمُ حالَه ويُزكِّيه، أو يُشِيرُ به، فأما إن اعتقدَ صلاحَه وأخطأَ فهذا معذورٌ. أهـ.
(*) قوله: (إلا النكاحَ والطَّلاقَ)، قال في المقنع: وهي مشروعةٌ في حَقِّ المُنْكِرِ في كُلِّ حَقٍّ لآدميٍّ. قال أبو بكر: إلا في النكاحِ والطلاقِ، وقال أبو الخطاب: إلا في تسعةِ أشياءَ: النكاح والرَّجْعَة والطَّلاق والرِّق والوَلاءَ والاستيلاد والنَّسَب والقَذف =