فالشرعيُّ: ما له موضوعٌ في الشرع وموضوعٌ في اللغةِ، فالمُطلَقُ ينصرفُ إلى الموضوعِ الشرعيِّ الصحيحِ، فإذا حَلَفَ لا يبيعُ أو لا ينكِحُ، فَعقَدَ عَقْداً فاسداً لم يَحْنَثْ، وإن قيَّدَ يمينَه بما يمنعُ الصحةَ كإنْ حَلَفَ لا يبيعُ الخَمْرَ أو الحُرَّ حَنَثَ بصورةِ العَقْدِ.

والحقيقيُّ: هو الذي لم يَغْلِبْ مَجَازُه على حقيقتِه كاللَّحمِ، فإذا حَلَفَ لا يأكلُ اللحمَ فأكلَ شَحْماً أو مُخّاً أو كَبِداً أو نحوَه لم يَحْنَثْ، وإن حَلَفَ لا يأكلُ أُدْماً حَنَثَ بأكلِ البَيْضِ والتَّمرِ والمِلْحِ والزَّيتونِ ونحوه، وكلِّ ما يصطبغُ به، أو لا يلبسُ شيئاً فَلبسَ ثوباً أو دِرْعاً أو جَوْشَناً أو نَعْلاً حَنَثَ، وإن حلف لا يكلِّمُ إنساناً حنثَ بكلامِ كُلِّ إنسانٍ، ولا يفعلُ شيئاً فوكَّلَ من فَعَلَهُ حنثَ إلا أن ينويَ مُباشَرَتَه بنفسِه.

والعُرْفيُّ: ما اشْتَهَرَ مجازُه فغلبَ على الحقيقةِ، كالرَّاويةِ والغَائطِ ونحوهِما، فَتَعَلُّقُ اليمينِ بالعرفِ، فإذا حَلَفَ على وَطْءِ زوجتِه أو وَطْءِ دارٍ تَعلَّقتْ يمينُه بجِماعِها وبدخولِ الدار، وإن حلفَ لا يأكلُ شيئاً فأكلَه

ـــــــــــــــــــــــــــــ

= والمُذهبِ ومَسْبوكِ الذهبِ والمستوعبِ والخلاصة: فإن عَدِمَ النيَّةَ أو السببَ رجَعْنا إلى ما يتناوله الاسمُ، فإن اجتمعَ الاسمُ والتعيينُ، أو الصفةُ والتعيينُ غَلَّبْنَا التعيين، وذَكَرَ في الإنصافِ عن يوسف بن الجَوزي أنه يُقدم النيةَ ثم السببَ ثم مُقْتَضَى لَفْظِه عُرْفاً ثم لغةً.

قال في المقنع: إذا حلف لا يأكلُ اللحمَ فأكلَ الشَّحْمَ أو المُخَّ أو الكَبِدَ أو الطِّحَالَ أو القَلْبَ أو الكَرِشَ أو المُصْرانَ أو الأَلْيةَ والدِّماغَ والقانصةَ لم يَحْنَثْ، وإن أكلَ المَرَقَ لم يَحْنَثْ، وقد قال أحمدُ: لا يُعجبني، قال أبو الخطاب: هذا على سبيلِ الوَرَعِ انتهى، وقال مالكٌ وأبو حنيفة: يحنثُ بهذا كُلِّه، لأنه لَحْمٌ حقيقةً، والصوابُ أن ذلك يُرْجَعُ فيه إلى النيَّةِ والعُرْفِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015