الثالث: أن يُؤْمَنَ في الاستيفاءِ أن يتعدَّى الجَانِي، فإذا وجبَ على حاملٍ أو حائلٍ فَحَملْت لم تُقتَلْ حتى تضعَ الولدَ وتُسقيَه اللَّبَأ، ثم إن وُجِدَ من يُرضِعُه وإلا تُركِتْ حتى تَفطِمَه، ولا يُقتَصُّ منها في الطَّرَفِ حتى تضعَ، والحَدُّ في ذلك كالقصاصِ.
ولا يُستوفَى قصاصٌ إلا بحضرةِ سلطانٍ أو نائبه، وآلةٍ ماضيةٍ.
ولا يُستوفَى في النَّفْسِ إلا بضَربِ العُنُقِ بِسيفٍ، ولو كان الجاني قَتَلَهُ بغيرِه (*).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(*) قال في المقنع: ولا يُستوفَى القصاصُ في النفسِ إلا بالسيفِ في إحدى الروايتين، وفي الأخرى يُفعَلُ به كما فَعَلَ به، فلو قَطَعَ يدَه، ثم قَتَلَه بحَجَرٍ، أو غرقه أو غير ذلك فُعِلَ به مثل فِعْلٍ اهـ.
وهو قولُ مالكٍ وأبي حنيفة والشافعي، واختاره الشيخ تقي الدين، وقال: هذا أشبهُ بالكتابِ والسنةِ والعدلِ لقوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126]، قال في الاختيارات: ويُفعل بالجاني على النفسِ مثلَ ما فَعَلَ بالمَجْنِي عليه ما لم يكن مُحَرَّماً في نفسِه، ويقتلُه بالسيفِ إن شاء، وهو روايةٌ عن أحمد ولو كَوَى شخصاً بمِسمار كان للمَجْنِي عليه أن يَكْويَه مثلَ ما كَواه إن أَمْكنَ، ويجري القصاصُ في اللَّطْمةِ والضَّرْبةِ ونحو ذلك، وهو مذهبُ الخلفاءِ الراشدين وغيرهم، ونصَّ عليه أحمدُ في رواية إسماعيل ابن سعد السالنجي.