وهي التَّبرُّعُ بتمليكِ مالِه المعلومِ الموجودِ في حياتِه غيرَه، فإن شَرَطَ فيها عِوَضاً معلوماً فبيعٌ، ولا يصح مجهولاً إلا ما تعذَّر عِلْمُه، وتنعقدُ بالإيجابِ والقَبولِ والمُعاطاةِ الدالَّةِ عليها، وتَلزمُ بالقبضِ بإذنِ واهبٍ إلا ما كان في يدِ مُتَّهِبٍ، ووارثُ الواهبِ يقومُ مُقامَه. ومن أَبْرأَ غريمَه من دَيْنِه بلفظِ الإحلالِ أو الصدقةِ أو الهبةِ ونحوِها بَرِئتْ ذمتُه، ولو لم يَقْبَلْ، وتجوزُ هِبَةُ كلِّ عَينٍ تُباعُ وكلبٍ يُقْتنَى.
ويجب التَّعْديلُ في عَطَّيتِه أولادَه بقدرِ إِرْثِهم (*)، فإن فَضَّلَ بعضَهم سوى برجوعٍ أو زيادةٍ، فإن مات قبله ثَبَتَتْ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(*) قوله: (يجبُ التَّعْديلُ في عَطِيّتِه أولادَه بقدرِ إرْثِهم). قال في الاختيارات: ثم هنا نوعانِ يَحْتاجونَ إليه من النفقةِ في الصِّحةِ والمرضِ ونحوِ ذلك، فتعديلُه فيه أن يُعطيَ كلَّ واحدٍ ما يَحْتاجُ إليه، ولا فَرْقَ بين مُحتاجٍ قليل أو كثير، ونوعٌ تَشترِكُ حاجتُهم إليه من عَطِيَّةٍ أو نفقةٍ أو تزويجٍ؛ فهذا لا ريبَ في تحريم التفاضُلِ فيه، وينشأُ من بينِهِما نوعٌ ثالثٌ، وهو أن ينفردَ أحدُهما بحاجةٍ غير مُعتادةٍ، مثل أن يَقْضِيَ عن أحدِهما دَيْناً وجبَ عليه من أَرْشِ جِنايةٍ، أو يُعْطِي عنه المَهْرَ أو يُعطيهِ نفقةَ الزوجةِ ونحو ذلك؛ ففي وجوبِ إعطاءِ الآخَرِ مِثْلَ ذلك نَظَرٌ، وتجهيزُ البناتِ بالنِّحَلِ أَشْبَهُ، وقد يَلْحَقُ بهذا، والأشبه أن يُقالَ في هذا: إنه يكون بالمعروفِ، فإن زادَ على المعروفِ فهو من بابِ النِّحَلِ، ولو كان أحدُهما محتاجاً دون الآخَرِ أَنْفقَ عليه قَدْرَ كفايتِه، وأما الزيادةُ فمن النِّحَلِ، فلو كان أَحَدُ الأولادِ فاسقاً فقال والدُه: لا أُعطيكَ نظيرَ إخْوتِكَ حتى تتوبَ فهذا حَسَنٌ يَتعيَّنُ استثناؤُه ا. هـ.