أحدهما: يضمن، لأنه وجد منه التسليم.
والثاني: لا يضمن، لأن القسمة وجبت عليه في الظاهر.
وحكى الإمام بدل هذا الوجه الثالث عن صاحب التقريب: أنه إن قاسم المقر المنكر أعيان التركة قهرًا، والمقر ممتنع عن القسمة، فلا يغرم غير ثلث ما في يده.
وإن جرت القسمة بينهما طوعًا، فيلزمه أن يغرم له مع ثلث ما في يده ما حصل في يد صاحبه، وهو ثلث ما معه، لأن التركة كانت ثابتة في يدهما على الجميع ثبوتًا شائعًا، فلما اقتسما، فقد رفع المقر يده عن نصف حصة الثالث، وسلمه، وترك المنكر على المقر مثل ذلك، فضمن من ذكرناه.
قال: وعلى هذا لو كان المقر جاهلًا بالثالث حال وقوع القسمة طوعًا، ثم بعد القسمة أحاط علمه به، ففي المسألة وجهان حكاهما صاحب التقريب، وقد تقدم مثلهما على الوجه الثالث.
فرع: لو كان المنكر اثنين، والمقر واحد فللمدعي النسب طلب يمينهما، فإن حلف أحدهما، ونكل الآخر، لم يرد اليمين على المدعي، لأنه لا يثبت بها نسبًا، ولا يستحق بها إرثًا.
وفي الزوائد في حلفه وجهان:
أحدهما: هذا.
والثاني: يحلف، لأن الحالف قد يقر، فيثبت بيمينه على الناكل.
وقد بقى من أقسام المسألة: ما إذا أقر بعض الورثة، والبعض ممن لا يصح إقراره- لصغر أو جنون- وقد قال القاضي الحسين: إنه يثبت في الحال حتى لو مات أحدهما، ورثه الآخر، ثم إذا بلغ الصبي، وأفاق المجنون: فإن صدق استمر الثبوت، وإن كذب بان أنه لم يكن ثابتًا بإقراره.
وإن مات الصبي والمجنون قبل ذلك، استقر الثبوت، هذا حكاه الإمام عن بعض المحققين، وقال: إنه متناقض، لأن ما يتعرض للوقف والتبين منتهى نظر، فلا معنى لإطلاق القول بنفوذ الحكم.
والصحيح: أنه لا يثبت النسب في الحال، عملًا بما ذكرناه من قبل، لكن يوقف إلى البلوغ والإفاقة، فإن حصل التصديق ثبت، وإن حصل التكذيب فالحكم كما تقدم.