أن يكون ظرفًا لها بأن تكون مختلطة بماله، وإذا قال: من مالي، فقد أضاف المال إلى نفسه، وجعل الألف جزءًا منه، وما جعله جزءًا من ماله، فلا يكون لغيره إلا على وجه الهبة.
وقيل: هذا غلط في النقل، ولا فرق بين أن يقول: في مالي، وبين أن يقول: من مالي، في أن الجميع هبة، كما نص عليه في مسألة الميراث والدار.
ومن الأصحاب من وافق على أنه لا فرق بين أن يقول: في مالي، أو: من مالي في أن الجميع هبة، وحمل النص فيما إذا قال: في مالي: أنه يلزمه على ما إذا تقدمت كلمة ((علي)) بأن قال: علي في مالي ألف، فإنه حينئذ يلزمه الألف، لأن ((علي)) للإلزام.
وفي المسألة طريقة أخرى، وهي تصحيح النقل، وتخريج قول من نصفه في مسالة [الميراث والدار] إلى هذه المسألة، وإثبات قولين فيها، لعسر الفرق، وتشبيها لذلك بتعقيب الإقرار بما يرفعه، وقد ذكرنا أن منهم من خرج من هذه المسألة إلى المسألتين قولًا: أنه يلزمه، وأثبت فيهما قولين.
والصحيح في ابن يونس الطريقة الثانية في الكتاب.
وقال ابن الصباغ: إن الأولى أشبه، والقائلون بها قالوا في الفرق: إن قوله: في داري نصفها، لو جعلناه إقرارًا، لم يبق بعده ما يسمى دارًا، وقوله: في مالي ألف درهم، الذي يبقى له بعد الألف يسمى: مالًا، فلذلك جعلناه مقرًا به.
قال ابن الصباغ: إلا أن هذا القائل يلزمه أن يفرق بين هذه المسألة وبين قوله: في ميراثي من أبي، ولا يجد فرقًا.
نعم: قوله: له، يقتضي الملك، والهبة قبل القبض غير مملوكة، ولم يأت بما ينافي الملك إذا قال: في مالي، لأن ((في)) للظرف وإذا قال: من مالي، فقد أضاف الملك [كله]، إلى نفسه فنافى الإقرار، فافترفا.
ثم محل الخلاف- كما قال أبو الطيب- حكاية عن ابن القاص: إذا لم يقل: بحق واجب، فإن قاله، فسواء أضافه إلى نفسه، أو لم يضفه، فإنه يكون إقرارًا، ولا يكون هبة، لأن الهبة لا تكون حقًا واجبًا.