المسألة السابقة على الأصح.
وقال الإمام- حكاية عن الأصحاب-: إن الألف يكون مضمونًا عليه، لقوله: ((علي)) فلو ادعى تلفه لم يسقط عنه الضمان، وكذا لو ادعى رده لم يصدق، وهذا ما صرح به القاضي الحسين، ويوافقه قول الفوراني: إنه إذا فسر بوديعة، ولم يأت بها لا يقبل قوله.
قال ((الرافعي)): والمفهوم من كلام الأصحاب الأول.
واعلم أن محل الخلاف في أصل المسألة: إذا لم يقل: إنه تعدى في الوديعة، فلو قال: تعديت فيها، قال القاضي الحسين: قبل قوله، ولم يلزمه [إلا ألف] واحد، لأنها عليه.
وعكس هذا لو فسر إقراره بأنها وديعة، شرط عليها ضمانها أن لو تلفت، وقد تلفت، قال القاضي الحسين- حكاية عن الأصحاب-: لا يقبل قوله، ولا تسمع دعواه، للمناقضة.
ثم قال: والذي عندي: أنه تسمع دعواه، لأنه محتمل، والقول قول المقر له، لأن الظاهر معه، كما لو أقر على نفسه بألف، ثم ادعى أنها من ثمن خمر، تسمع دعواه، للاحتمال.
والإمام حكى الوجهين، وأجراهما في مسألة الخمر أيضًا.
قال: وإن قال: له علي ألف في ذمتى، ثم فسرها بوديعة- أي: وأتى بها- فقد قيل: يقبل، لجواز أن يكون قد تعدى فيها، فكان ضمانها في ذمته.
وقيل: لا يقبل، وهو الأصح، لأنه صرح بأنها في ذمته حالة إقراره، والوديعة لا تكون في ذمته وإن تعدى فيها، وإنما تصير في الذمة بالتلف، ولا تلف، وهذا ما أورده البغوي.
قال الإمام: وعلى هذا: لو أتى بألف، وادعى أنه الذي أقر في ذمته، لأنه وديعة تعدى فيها- ففي قبول قوله وجهان، وهما جاريان فيما لو قاله: له علي ألف درهم دينًا، ثم فسر بوديعة تعدى فيها.
قال الإمام: ولو لم يذكر في هذه الصورة سبب الضمان بعد جدًا الحكم باتحاد الألف.