وعلى هذا: لو قال: كذا وكذا وكذا درهم بالخفض، يظهر أن يكون الحكم كما لو قال: كذا درهمًا بالنصب، وقد صرح به الماوردي.
وعلى الأول قال القاضي أبو الطيب: له تفسير ما دون الدرهم بحبتين، ودانقين، وغيرهما، ويكون تقدير كلامه: كذا وكذا من درهم.
ولا خلاف في أنه لو قال: كذا درهم، بالرفع، أنه يلزمه درهم، ويكون خبرًا، وتقديره: علي شيء هو درهم.
ولو قال: كذا درهمًا، بالنصب، لزمه درهم.
وحكى الماوردي، وابن الصباغ، والإمام عن ابي إسحاق المروزي: أنه يلزمه عشرون درهمًا، إذا كان يعرف العربية، كما صار إليه محمد بن الحسن فيمن يعرفها وغيره.
ونسبه الإمام وغيره إلى أبي حنيفة، تمسكا بأنه أول اسم ينصب الدرهم المفسر عقيبه.
وأجاب الأصحاب عن ذلك وعما تقدم بأن تفسير الألفاظ المبهمة لا ينظر فيه إلى الإعراب، كما لا ينظر إليه في الأقاوير، ويدل عليه أنه لو قال: لهعلي مائة درهمًا، يلزمه المائة وإن كان ذلك خطأ في اللغة.
ولو قال: له علي [كذا] درهم صحيح، لم يلزمه مائة درهم بوفاق الخصم وإن كانت الموازنة التي ذكرت من اتباع العربية تقتضي لزوم المائة، وإنما كان كذلك لأن المتبحر في اللغة قد يخطئ فيها، فنزلنا الأمر على الظاهر، وأول ما يسبق على الفهم من الكلام عند الإطلاق.
وقولنا في فرض المسألة: درهم صحيح، حتى لا ينصرف اللفظ إلى نصف درهم، وربع درهم.
فإن قيل: قد حكى البندنيجي أن الطحاوي حكى عن بعض أصحاب أبي حنيفة: أنه يلزمه في هذه المسألة مائة درهم، عملا بالموازنة المذكورة، وهو محمد بن الحسن- كما قاله ابن الصباغ- فقد انتفى الإلزام.
قيل: المشهور عنهم الأول، وعلى تقدير تسليم الثاني، فالإلزام يتوجه من طريق آخر، وهو أنه إذا قال: كذا درهماً، [لزمه عشرون، وإذا قال: كذا كذا درهمًا