والفرق: أن الإقرار إخبار عن حق سابق، وقد يعرض فيه الاطلاع، والوصية إنشاء أمر على الجهالة، وبيانه إذا مات الموصي إلى الوارث.

وإن كانت المنازعة في الجنس بأن فسر المقر بدراهم، فقال المقر له: حقي عليك دنانير لا غير- بطل حكم الإقرار برده، وكان مدعيًا للدنانير، والقول قول المقر فيها، وهذا إذا صدقه في أنه أراد بإقراره بالشيء: الدراهم، فإن كذبه، وقال: إنما أردت بإقرارك الدنانير- حلف المقر على نفي الإرادة، [ونفي ما يدعيه] كما تقدم، وبطل الإقرار.

ولو قال المقر له: الدراهم أنا أستحقها، لكن ما ادعيت به غيرها، سلم إلى المقر له [الدراهم، ثم إن صدقه في إرادتها بالإقرار، فالقول قول المقر في نفي سواها، ويحلف عليه لا غير. وإن كذبه] في الإرادة، حلف على نفي الإرادة، ونفي ما يدعيه.

قال ((الرافعي)): وقد حكينا في كتاب البيع فيما إذا ادعى المشتري عيبًا قديمًا بالمبيع، وقال البائع: بعته وأقبضته سليمًا- في كيفية وجهين.

أحدهما: يلزمه أن يحلف كذلك.

والثاني: يكفيه الاقتصار على أنه لا يستحق الرد، فليجيء هاهنا وجه: أنه يكفيه نفي اللزوم، ولا يحتاج إلى التعرض للإرادة.

فرع: لو اقتصر المدعي بعد تفسير المقر الشيء بما يقبل على دعوى الإرادة، فقال: ما أردت بكلامك ما فسرت به، وإنما أردت كذا: إما من جنس ما فسر به، أو من غيره- لم تسمع منه على الأصح، لأن الإقرار والإرادة لا يثبتان حقًا له، بل الإقرار إخبار عن حق سابق فعليه أن يدعي الحق نفسه.

وفيه وجه ضعيف: أنه تقبل دعوى الإرادة المجردة، وهو ما حكاه القاضي الحسين في كتاب الوصية.

قال الإمام: والخلاف كالخلاف فيمن ادعى على خصمه أنه أقر له بألف يسمع منه، أم عليه أن يدعي نفس الألف؟ وقد قدمت في ذلك كلامًا في باب الدعاوى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015