أما إذا كان قد ادعى حقًا معلومًا أولًا، فأقر بأن له عليه شيء، أو أنكر، فأقام المدعي بينة على إقراره بأن له عليه شيء، وسمعنا الشهادة بالإقرار بالمجهول- كما هو أحد الوجهين في ((تعليق)) القاضي الحسين، والمجزوم به في ((الشامل)) - فطولب بالتفسير، فامتنع، فيظهر أن يقال: لا يحتاج إلى إعادة الدعوى، بل تعرض عليه اليمين. فإن امتنع جعل ناكلًا، وحلف المدعي.
وهكذا صور ((الرافعي)) هذا الوجه فيما إذا وقع الإقرار بالمجهول في جواب الدعوى.
والثالث- حكاه عن صاحب التقريب- إن قال المقر: غصبت منه عينًا من أعيان ماله، وامتنع عن بيانها وردها، حبس. وإن قال المقر [له]: لست أدري ما غصبه مني، فأما إذا كان الاعتراف بدين مرسل، فلا حبس بسبب الامتناع عن التفسير حتى يعين المدعي مبلغه، ثم تنتظم الخصومة على النسق الذي قدمناه.
قال الإمام: وهذا التفصيل وإن كان فيه أدنى تخييل، فالقياس الحق يوجب التسوية بين الإقرار بالغصب والدين، إذ قد يستبهم الأمر فيهما جميعًا على المقر والمقر له، وقد يعرض التمكين من البيان فيهما.
وهذا الوجه لا يجيء في مسألتنا، لأن الشيء قد يكون عينًا ليست بمال كما ستعرفه.
وقد حكى الغزالي في ((الوسيط)) عوضه: أنه بامتناعه عن التفسير، يجعل ناكلًا عن الجواب واليمين حتى يحلف المقر له، ويستفيد بإقراره تحول اليمين إليه، فيحلف على ما يدعيه، وهذا ما أورده القاضي أبو الطيب في المسألة، وحكاه في ((المهذب)) طريقة اختارها في ((المرشد))، وفي طريقة أخرى قولًا آخر، ويظهر أن الفرق بينه وبين الوجه الذي قبله: أنا لا نجعله على ذلك الوجه بامتناعه ناكلًا عن اليمين وإن جعل ناكلًا عن الجواب إذا كانت الدعوى محررة، وعلى هذا: نجعله بنفس الامتناع من التفسير ناكلًا عن الجواب واليمين كما قال.
وعن أبي عاصم العبادي في مسألتنا: أنه إذا امتنع من التفسير لم يحبس وإن قال: على ثوب أو فضة، ولم يبين يحبس.
قال ((الرافعي)): وقد أشار من شرح كلامه إلى أن الفرق مبني على قبول تفسير