إقرار المشتري بعد بينته بأنه ما أقبضه الثمن- سمعت، وألزم المشتري الثمن، لأنه وإن قامت بينة على إقراره بالقبض، فقد قامت- أيضًا- على أن صاحبه كذبه، فيبطل حكم الإقرار، ويبقى الثمن على المشتري، وعلى هذا لو أقام شخص بينة على إقرار الداخل بأن هذا الشيء الذي فلي يده له، ثم أقام صاحب اليد بينة على إقرار المدعي الخارج: أنه لا حق فيه فيه، ولم يذكر التاريخ- قال في ((البحر)) في الفروع قبيل كتاب الشهادات: يحتمل أن يقضي ببينة الخارج، لأن قوله: لا حق له فيه، إنما بنى- كما علقناه- على الأصل: أنه لا حق له فيه، فكما [أن] علمنا بهذا الأصل لا يمنع من القضاء بشهود الخارج على إقرار صاحب اليد، لم يكن قول المدعى عليه إذا وافق هذا الأصل مانعًا منه. قال: ومما يبين هذا أن هذه الدعوى لو كانت بدين في الذمة، فأقام المدعي بينة على إقرار المدعى عليه بكذا، وأقام الآخر بينة على إقرار المدعي: أنه لا حق له عليه- لم تكن هذه البينة دافعة لبينة المدعي، لما ذكرناه من المعنى.
قال: ومن ادعى على رجل حقًا، فقال: أنا مقر، أو أقر أو لا أنكر- لم يلزمه: أما في الأولى، فلاحتمال أن يريد أنا مقرٌ بأن الله واحد، أو ببطلان دعواك. وأما في الثانية، فلاحتمال أن يريد الوعد بالإقرار. وأما في الثالثة، فلاحتمال أن يريد: لا أنكر أنك مبطل في دعواك، وهذا قول الشيخ أبي حامد، ولم يورد القاضيان: أبو الطيب، والحسين غيره.
وقيل: إنه يجعل مقرًا بقوله: أنا مقر.
قال في ((الحاوي)): وهو أصح.
ولو قال: لا أقر، ولا أنكر، فهو كما لو سكت، فتعرض عليه اليمين، فإن أجاب، وإلا جعله ناكلًا.
ولو قال: زن، أو زنه، أو استوف، أو استوفه- ففيما وقفت عليه من ((تعليق)) القاضي الحسين: أنه يكون مقرًا وفي الحاوي و ((النهاية)) و ((المهذب)): أنه لا يكون مقرًا بقوله: اتزن، وفي قوله: اتزنه، وجهان:
الذي اختاره أبو عبد الله الزبيري من أصحابنا- كما قال الماوردي. والمصنف- أن يكون مقرًا.